القاهرية
العالم بين يديك

حكيم بن جبلة العبدى ” الجزء الثانى

147


إعداد / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع حكيم بن جبلة العبدى، وقد توقفنا عندما دخل الرجال على عثمان بن حنيف والى البصرة من قبل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، فأخرجوه إليهما فلما وصل إليهما توطؤوه وما بقيت في وجهه شعرة، فاستعظما ذلك وأرسلا إلى السيدة عائشة يعلمانها الخبر، فأرسلت إليهما أن خلوا سبيله وقيل لما أخذ عثمان أرسله إلى السيدة عائشة يستشيرونها في أمره، فقالت اقتلوه، فقالت لها امرأة نشدتك الله في عثمان وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لهم احبسوه فقال لهم مجاشع بن مسعود اضربوه وانتفوا لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه، فضربوه أربعين سوطا ونتفوا لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه ثم أطلقوه وجعلوا على بيت المال عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وقد قيل في إخراج عثمان رأى آخر، وذلك أن السيده عائشة وطلحة والزبير لما قدموا البصرة كتبت السيدة عائشة إلى زيد بن صوحان، أنه من عائشة أم المؤمنين حبيبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم فانصرنا، فإن لم تفعل فخذل الناس عن على.

فكتب إليها أما بعد فأنا ابنك الخالص، لئن اعتزلت ورجعت إلى بيتك وإلا فأنا أول من نابذك، وقال زيد رحم الله أم المؤمنين، أمرت أن تلزم بيتها وأمرنا أن نقاتل، فتركت ما أمرت به وأمرتنا به وصنعت ما أمرنا به ونهتنا عنه، وكان على البصرة عند قدومها عثمان بن حنيف فقال لهم ما نقمتم على صاحبكم؟ فقالوا لم نره أولى بها منا وقد صنع ما صنع، قال فإن الرجل أمرني فأكتب إليه فأعلمه ما جئتم به على أن أصلي أنا بالناس حتى يأتينا كتابه، وهكذا فعند ذكر وقعة الجمل ان أصحاب الجمل قتلوا حكيم بن جبلة العبدي وكان من سادات عبد القيس ومن زهاد ربيعة ونساكها وقال أبو مخنف كان حكيم شجاعا مذكورا‍ وقيل أنه أدرك حكيم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يوجد له عنه رواية ولا خبر يدل على سماعه منه صلى الله عليه وسلم ولا رؤية وكان رجلا صالحا له دين مطاعا في قومه، وقد ذكر ابن الأثير في الكامل ان طلحة والزبير لما قدما البصرة مع عائشة قبل قدوم علي وتوافقوا مع عثمان بن حنيف وأصحابه أقبل حكيم بن جبلة وقد خرج وهو على الخيل فانشب القتال وأسرع أصحاب السيدة عائشة.

كافون إلا ما دافعوا عن أنفسهم وحكيم يذمر خيله ويركبهم بها ويقول ضربا دراكا أنها قريش، ليردينها جبنها والطيش واقتتلوا على فم السكة وأشرف أهل الدور ممن كان له في واحد من الفريقين هوى فرموا باقي الآخرين بالحجارة وحجز بينهم الليل وبات أصحاب السيدة عائشة يتأهبون وأصبح عثمان بن حنيف فغاداهم وغدا حكيم بن جبلة وهو يبربر وفي يده الرمح فقال له رجل من عبد القيس على من تتكلم قال على عائشة قال يا ابن الخبيثة أ لأم المؤمنين تقول هذا فوضع حكيم السنان بين ثدييه فقتله ثم مر بامرأة فجرى له معها ما جرى مع الرجل فطعنها بين ثدييها فقتلها ثم سار فاقتتلوا بدار الرزق من بزوغ الشمس إلى الزوال ثم تهادنوا على أن يصلي عثمان بالناس حتى يكتب إلى علي فلم يلبث إلا يومين حتى وثبوا عليه فقاتلوه بالزابوقة عند مدينة الرزق فظهروا واخذوا عثمان وأرادوا قتله ثم خشوا غضب الأنصار فنتفوا كل شعرة في وجهه وضربوه وأصبح طلحة والزبير وبيت المال في أيديهما وبلغ حكيم بن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال لست أخاف الله إن لم أنصره فجاء في جماعة من عبد القيس ومن تبعه من ربيعة.

وتوجه نحو دار الرزق وبها طعام أراد عبد الله بن الزبير ان يرزقه أصحابه فقال له عبد الله ما لك يا حكيم قال نريد ان نرتزق من هذا الطعام وان تخلوا عثمان فيقيم في دار الامارة على مال كتبتم بينكم حتى يقدم علي وأيم الله لو أجد أعوانا ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ولقد أصبحتم وان دماءكم لنا لحلال بمن قتلتم أ ما تخافون الله بم تستحلون الدم الحرام قال بدم عثمان قال فالذين قتلتم هم قتلوا عثمان أ ما تخافون مقت الله فقال له عبد الله لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي سبيل عثمان حتى يخلع عليا فقال حكيم اللهم أنك حكم عدل فاشهد وقال لأصحابه لست في شك من قتال هؤلاء القوم وتقدم فقاتلهم ونادي أصحاب السيدة عائشة من لم يكن من قتله عثمان فليكفف فانا لا نريد قتاله فانشب حكيم القتال ولم يرع للمنادي فاقتتلوا أشد قتال ومع حكيم أربعة قواد هو أحدهم فكان حكيم بحيال طلحة فزحف طلحة لحكيم وهو في ثلاثمائة رجل وجعل حكيم يضرب بالسيف ويقول أضربهم بإياس ضرب غلام عابس من الحياة آيس، في الغرفات نافس فضرب رجل رجله فقطعها فاخذ حكيم رجله فرماه بها فأصاب عنقه فصرعه ووقذه.

ثم حبا إليه فقتله واتكأ عليه وقال يا فخذ لا تراعي إن معي ذراعي أحمي بها كراعي وقال أقول لما جدني زماعي، للرجل يا رجلي لن تراعي إن معي من نجدة ذراعي وقال وهو يرتجز، ليس علي إن أموت عار ، والعار في الناس هو الفرار والمجد لا يفضحه الدمار فاتى إليه رجل وهو رثيث رأسه على آخر فقال ما لك يا حكيم قال قتلت قال من قتلك قال وسادتي فاحتمله فضمه في سبعين من أصحابه فتكلم يومئذ حكيم وانه لقائم على رجل واحد وان السيوف لتأخذهم فما يتعتع ويقول انا خلفنا هذين وقد بايعا عليا وأعطياه الطاعة ثم أقبلا مخالفين محاربين يطلبان بدم عثمان ففرقا بيننا ونحن أهل دار وجوار اللهم أنهما لم يردا عثمان، وقال ابن الأثير وقتلوا وقتل معهم قتله يزيد ابن الأسحم الحداني فوجد حكيم قتيلا بين يديه وأخيه كعب وقيل قتله رجل يقال له ضخيم وقتل معه ابنه الأشرف وأخوه الرعل ابن جبلة وفي الاستيعاب كان حكيم بن جبلة ممن يعيب عثمان من اجل عبد الله بن عامر وغيره من عماله ولما قدم الزبير وطلحة والسيدة عائشة البصرة وعليها عثمان بن حنيف واليا لعلي بن أبي طالب بعث عثمان بن حنيف، حكيم بن جبلة العبدى.

في سبعمائة من قبيلة عبد، وعن سيف بن عمر التميمي وهو أعرف المؤرخين بتاريخ العراق على ما نقله عنه الطبري أن حكيم بن جبلة كان إذا قفلت الجيوش خنس عنهم فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة ويتنكر لهم ويفسد في الأرض ويصيب ما شاء ثم يرجع، فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر أن احبسه ومن كان مثله فلا يخرجن من البصرة حتى تأنسوا منه رشدا، فحبسه أي منعه من مبارحة البصرة، فلما قدم عبد الله بن سبأ البصرة نزل على حكيم بن جبلة، واجتمع إليه نفر، فنفث فيهم سمومه، فأخرج ابن عامر عبد الله بن سبأ من البصرة، فأتى الكوفة فأخرج منها، ومن هناك رحل ابن سبأ إلى الفسطاط ولبث فيه وجعل يكاتبهم ويكاتبونه ويختلف الرجال بينهم، وذكر الطبري أن السبأية لما قرروا الزحف من الأمصار على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم كان عدد من خرج منهم من البصرة كعدد من خرج من مصر، وهم مقسمون كذلك إلى أربع فرق، والأمير على إحدى هذه الفرق هو حكيم بن جبلة، ونزلوا في المدينة في مكان يسمى ذا خشب، ولما حصبوا أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

قد يعجبك ايضا
تعليقات