كتب/ حمادة توفيق
سكونٌ عميقٌ في صالةِ البيتِ يخيمُ على الأسرةِ وقد افترشوا حصيراً مهترئاً والتحفوا ببطانيةٍ قديمةٍ أمامَ التلفاز، متابعةٌ صامتةٌ لفيلمٍ يعرضه التلفازُ اسمه (وبالوالدين إحساناً)، ثم ارتطامٌ مفاجئٌ غيرَ بعيدٍ منهم يثيرُ فزعاً وهلعاً.
هرعوا من فورهم إلى الداخلِ حيثُ ينامُ أبوهم، فهالهم المنظرُ أكثر، فأبوهم قد سقطَ أرضاً وعيناهُ تنهملانِ بالدموع.
– رأيتُ أبي!
الجملةُ إذن، هي هي لم تتغير منذ مات جدهم منذ عام، لكنها هذه المرةَ مصحوبةٌ بسقوطٍ أثارَ الرعبَ فيهم.
طفق يرمقهم دَهِشاً، كالعادة لا يصدقونه، فحزنه على أبيهِ بلا شكٍّ يقضُّ مضجَعهُ، ويُفقده صوابهُ، ويفتحُ للتهيؤاتِ والأوهامِ مجالاً رحباً.
– صدقوني لقد كان حقيقياً هذه المرة!
استرقوا فيما بينهم نظراتٍ تشوبها الحيرةُ والشفقةُ في آنٍ واحدٍ، مدَّ كبيرهم يده يستنهضه، بيْدَ أنه رفضَ النهوضَ.
– سيأتي مجدداً.
تذكروا على الفورِ كلامَ الطبيبِ النفسيِّ من شهرٍ عندما ذهبوا يرجونَ منه حلاً لمعاناةِ أبيهم وبكائه المتصل، يومها أخبرهم أنّ صدمةَ الفقدانِ كانت عنيفةً، وأنّ ثمةَ تهيؤاتٍ ستحدثُ له، لكنها غيرُ مقلقةٍ على أيّ حال.
شهقتْ أختهم الصغرى ذاتُ الستِّ سنواتِ ناحبةً وقد ترقرقتْ من عينيها دمعاتٌ ساخناتٌ لم تطقْ حبسهنّ.
احتلَّ الحزنُ قُلوبَهم وتمكن منهم أيّما تمكنٍ، لقد ابيضَّتْ عيناه من الحزنِ، بل لعله لم يحزنْ كلَّ هذا الحزنِ على أمهم عندما ماتت هي أيضاً بالسرطان منذ أعوامٍ.
نظرَ ناحيةً، استنارَ وجهه كصفحةِ كتابٍ بيضاءَ، مدَّ يده وقد ارتسمت على محياه ابتسامةٌ حلوة.
– أبتاه! ها أنتَ مجدداً، كالعادةِ لا تخلفُ وعدك.
التفتوا إلى حيثُ ينظرُ فلم يروا أحداً.
– سَيُجَنُّ بلا شكّ، ليهاتفْ أحدكم خالي قبل أن نفقدهُ هو أيضاً.
قالها كبيرهم ثم دنى من أبيه ليوقفه.
أمسكَ بذراعه ثم حاول أن يوقفه، لكنه تهاوى كبناءٍ عالٍ يتداعى، افترشَ الأرضَ أمام أعينهم، فزعوا، اقتربوا منه، ثم سرعانَ ما اغرورقت عينا كبيرهم بالدموع.
– لقد لحقَ بِجدِّكم.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
تتجه
- زجاجات عد الارقام ” نشاط تعليمي برعاية توجية الرياضيات بإدارة كوم امبو التعليمية
- تكريم الكابتن عمرو رزق ضمن جهود دعم الكفاءات في مشروع الموهبة والبطل الأوليمبي بالقليوبية
- الحكمة
- وكيل وزارة التعليم بالقليوبية يتفقد مدارس طنان ويؤكد على تطوير أساليب التدريس
- النبات الذي يحفز نمو الخلايا العصبية ويعزز الذاكرة
- الألوان التي تعيد الحياة إلى جدران منزلك
- 9 خرافات حول اللقاحات
- روبن أموريم يريد أخذ كويندا ويترك سبورتنج في حالة تأهب
- تعرف كيف تتجنب بطن الكورتيزول
- برجك اليوم: 17 نوفمبر 2024
السابق بوست
القادم بوست
قد يعجبك ايضا
تعليقات