بقلم الكاتبة / أميمة العشماوى .
التلازم بين الديمقراطية والرأى العام أمر رائع إذا تحقق على أرض الواقع ولكن مانشهده فى كثير من مناطق العالم المعاصر لايوحى بذلك فالرأى العام ماهو إلا إبن شرعى للثرثرة اليومية وادعاء المعرفة فمن الأمور المحيرة فى فهم آليات نظم الحكم مايتردد عن أن التلازم بين إزدهار الديمقراطية وتنامى ظاهرة الرأى العام ليس أمرا صحيحا فما أكثر الدول الديمقراطية التى لايبدو لديها صوت مرتفع لرأى عام صاخب وما أكثر الدول التى تعانى خفوت نغمة التحول الديمقراطى ومع ذلك تتمتع برأى عام عالى الصوت شديد التأثير ونحن فى مصر نبد نموذجاغريبا فى هذا السياق وخاصة فى عصر السوشيال ميديا بكل أنواعها فقد تحول نصف المصريين إلى خبراء عسكريين يتحدثون فيما لايعلمون ويتوقعون مالايفهمون والنصف الآخر تحول إلى نشطاء سياسيين بعد ثورة يناير بل توهم الكثيرون أن المرور غلى ميدان التحرير يعطى صاحبه صكا وطنيا لايسقط عنه أبدا وهذه كلها أحكام جائرة وتأويلات غريبة كما أن التعويل على الإدعاء بأن هناك من يفهم فى كل الأمور ويدرك جوهر كل القضايا هو أمر مردودعليه سلبا لأن لكل مواطن حرفته أو مهنته أو طريقته الخاصة فى التفكير وهنا بكل تأكيد لايمكن التعميم على الآخرين تلقائيا أو جزافيا لذلك أقول إن قادة الرأى العام هم بالضرورة خبراء فى برمجته وتوصيله للمجتمع بطريقة صحيحة ليقتدى بهم الناس خاصة الشرائح العمرية الشابة ولذلك نلاحظ أن الشباب هو القطاع الأكبر الذى يتحمل عبء تكوين الرأى العام وتشكيل ملامحه وقبول بعض معطياته ورفض البعض الآخر منه مع ظنى أن الرأى العام لايعبر عن ظاهرة أفقية بل عن منظومة هرمية تسرى من خلالها الأخبار وتتدفق عبرها المعلومات ولكن أحيانا قد تغيب الحقائق . فى النهاية أقول هذه ملاحظات أردت تدوينها حول العلاقة الجدلية بين الديمقراطية والرأى العام والإقتراب بينهما أحيانا والإبتعاد بينهما غالبا فالتلازم ليس حتميا خصوصا فى مجتمعات تنتشر فيها الأمية ولاتزدهر لديها الديمقراطية ومع ذلك تبدو حصيلة الرأى العام قوية ومؤثرة وقد تكون مصر واحدة من النماذج الملهمة فى هذا السباق
ف
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية