القاهرية
العالم بين يديك

مجنون أم مهموم؟

235

بقلم_ حسن محمد

يعتقد العابرون أحيانا أنني ألقي عليهم السلام. اكتشفت  ذلك من رد أحدهم عليّ بـ«عليكم السلام ورحمة الله». أتوقف لحظة أتساءل: أنا الوحيد الماشي على الأرض، فمن ألقى السلام؟

أنا الطائر وسط غيوم السماء، فكيف وعي بالأرض؟ أنا الصامت الشارد، فمن المتكلم؟

 

تكرر الأمر معي على فترات لاحظت  شفتيّ تهتزان  كـهمهمة، وأحيانا يصل بي الحال إلى دمدمة  تنم عن معركة غاضبة غامضة تنشب بين قلبي وعقلي. أحيانا يخرج الحديث من عقلي يعلن عن وجوده فلا أستطيع التحكم في نفسي، كأنني أغيب عن الوعي لفترة وأعود لأقول: هذه ليست أرضي.. وصادفني صديق مرة فنادى عليّ. انتبهت له. «بتكلم نفسك؟». «مخدتش بالي منك»، أرد معتذرا متجاهلا سؤاله. «لكن عينك جات في عيني؟». أضع يدي على عيني متأكدا من وجود «نضارتي». موجودة. آه أليس على المهموم حرج؟! 

«ما شوفتكش فعلا.. اعذرني». ابتسم لتلطيف الموقف. يبتسم ويروح يسألني عن حالي ومالي. إنه يعود بي إلى عالم أهرب منه. عالم أهرب منه بالتفكير فيه. معقول!

 

ويزداد انشغالي وشرودي بسؤالين: كيف يراني الناس؟ مجنون أنا أم مهموم؟

مستحيل أن أكون مجنونا لأن المجاذيب لا تلقي السلام. وعلى هيئتي الشابة المهندمة كيف أكون مهموما – وما علاقة الشكل بالحال ويالَسذاجة إجاباتكَ؟!

 

حدث معي اليوم نفس الموقف. استوعبت. انتقلت بالدهشة إلى ابتسامة خفيفة إلى أن وجدت نفسي أضحك بجنون لأني توقعت أن المرة القادمة ربما سأجد «شِلة» صبايا عفاريت يلقون عليّ الطوب، يجرون ورائي كشحاذ صائحين مارحين: المجنون أهو… المجنون أهو..

أضحك بجنون. والعيون حولي ترمقني متسائلة في غرابة تحقق الظنون حول نفسي وسلامة عقلي: ما جرى للشباب يا هل ترى؟!

واستمر في الغياب عن الوجود محدثا نفسي

لكن ما العار في أن أكون مجنونا.. هذا العالم وحده كاف أن يجعلك تفقد عقلك

يقول «ديكارت»: أنا أفكر إذا أنا موجود

كُف عن التفكير  انتبه للطريق وللناس

لست موجودا لا يهم. 

إذن مُت ولا تزد على المجانين مجنونا جديدا.

لست مجنونا  أنا عاقل. 

المجنون كان أعقل منا لكنه أراد أن يدرك أكثر مما يجب فضاع.

أكون أو لا أكون تلك هي المسألة، أي الحالتين أمْثَلُ للنفس؟

كن حرا على أي حال ولا تأخذ الحياة على محمل الجد، فإنها لا تحترم إلا من يستهين بها!

قد يعجبك ايضا
تعليقات