بقلم- مودّة ناصر
أرحلُ عنك حينما لا أجدُني فيك.
حينما لا تَسِعني أرحل.
وحين لا أُفهمُ أرحل.
وعندما لا أراني في عينيك كما اعتدتُ أرحل.
أرحلُ وقد سئمتُ السفر،
والغُربةُ بعد الوطنِ احتلالٌ يوجِبك الهِجرة.
حينما لا تتشابهُ أرواحنا، تسوقنا للرحيل.
حينما أريدُك جواري ولا أجدك، أرحل.
أرحلُ وأنت بِدء تلك الرواية، ومُنتهاها الشجين.
نرحلُ أحيانًا رغمًا عنّا؛
لأن العقل اقتضى،
ولأن القلب أَمر،
ولأن الحُبَّ وَلّى وارتحل.
نرحلُ ونحنُ آسفين حينًا، آسفين حقًا وما كُنا نتمنى أن نمرَّ بمرِّ الرحيل.
نرحلُ مكانًا، فيختَلِقُ المكان لنفسِه في القلبِّ بقعة.
نرحلُ شخصًا، ويبقى الأثرُ ثاويًا في نفوسنا.
وأما أصعبُ الرحيل،
هو الرحيلُ وجدانًا؛ أن ترحلَ مني وأرحل منك، أن نُحاول أن نُسكِن كليْنا في بعضيْنا فنبوء بالعجز.
ثمّة أمورٌ يا “مَن كنتَ”، تكون.
تكونُ أقوى من جعلنا نكون مرةً أخرى.
ثمّة جدارٌ من الخذلانِ والبُعدِ لا نستطيع له هدمًا.
ثمّة زمنٌ يمرُّ علينا ولا يمرّ فينا؛ فلا يقدر إزالة عوالق ماضينا.
القلبُ يحنُّ، والحنينُ مُكبّلٌ أحيانًا، وليس لنا في أنفسنا شيء. لا سُلطان لنا على قلوبِنا، هي سُلطانُنا ونحنُ على أثرها وراحتها مُرتحِلون.
حينما يوجِهُك عقلُ قلبك، اتبعْه.
وحينما تمرضُ روحِك، ارحل.
يبقى الرحيلُ روايتنا،
مكتوبةً علينا،
والحنينُ هو الفصلُ المُرهق في الرواية.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية