كتب_د.فرج العادلي
سريعا نستعرض موقف الإمام ابن تيمية_ رحمه الله تعالى _ من بعض الطوائف التي عاصرها، لضحد شبه التكفيريين الذين يتذرعون بفتاويه لإراقة الدماء الطاهرة في كل مكان وزمان.
أولا: موقفه من الصوفية:
لمَّا تجد كلامًا شديدًا لابن تيمية في بعض الصوفية فاعلم أنهم مِنْ على شاكلة ابن عربي وغيره الذين يفتحون الأبواب للغزو المغولي، والصليبي، وغيرهم من المحتلين لبلاد المسلمين، ولا يرون فريضة الجهاد عن الدين، ولا عن الأرض والأوطان بل يكتفون بالطعام، والشراب، فالدين عندهم لله والوطن للمسلمين، وللتتار، والمغول، والهندوس، والهكسوس، وللطير من كل جنس، ولو كانت هذه الطوائف من أهل البلاد فلا مانع ولا حرج لكن المقصود هم الغزاة الغرباء وحدهم، وهم لا يمنعون أحدًا من احتلال البلاد ونهب ثروات العباد.
ثانيًا النصارى.
تراه أحيانا شديدًا وقاسيًا عليهم ؛ والسبب أن كتبغا _قائد المغول_ كان متنصرًا، ولما احتل بلاد الشام وجاء شهر رمضان الفضيل شرب بعض النصارى (التابعين له) الخمر في الشوارع في نهار رمضان، وكانوا يرشون الخمر على ثياب المسلمين المارّين في الطرقات وعلى أبواب المساجد، فتكلم فيهم كلامًا قاسيًا وعنيفًا من أجل أفعالهم تلك.
ثالثًا موقفه من بعض الحكام
فكان يكفر بعضهم، ويشتد ويحتد عليهم؛ لأن هؤلاء الحكام كانوا من مسلمي التتار والمغول، وكانوا يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم لا صلاة، ولا صيام، ولا زكاة، ولاحج وكانوا يرفعون جنكيز خان في مرتبة الإله، ويعتبرونه أعظم من النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_، فكانت معركته معهم ومع من يعاونهم.
رابعًا الشيعة.
كان كلامه فيهم بعد خيانتهم العظيمة، وتسليمهم بغداد للتتار والمغول، والتعاون، والتآمر على قتل الملايين من المسلمين وانتهاك أعراضهم.
عصر ابن تيمية
لابد أن تعرف طبيعة عصر ابن تيمية وهو عصر ضياع الأمة، واحتلال أراضيها وتعطيل شعائر دينها في نواحي وضواحي البلاد الإسلامية، فكان يحاول غلق أي باب يُؤتىَ منه الإسلام، أو تُحتل فيه الأرض أو تخرب منه الأوطان.
لكن هناك صوفية كانوا يجاهدون معه ضد الغزو ولا يرضون بتسليم الأوطان، واختلاط العقائد والأديان، فكان يمدحهم ويتقرب إلى الله بحبهم.
وكذلك من المسيحيين أهل العهد والأمان، وأصحاب الديار، فكان يبذل الدم من أجل عونهم، وحمايتهم، وإقامة شعائرهم في كنائسهم، ولم يرضَ أن يأخذ أسرى المسلمين ويتركهم بل اشترط أسرى أهل الكتاب قبل أسرى المسلمين؛ لأنهم لم يتحدوا، أو ينقلبوا على المسلمين كما فعل أتباع كتبغا بل دافعوا عن بلادهم مع المسلمين دفاعًا عظيمًا مبهرًا مستميتًا.
وكان محبًا لحكام عصره من المماليك، ومجاهدًا معهم، لا يخرج عليهم، ولا يدعوا للخروج عليهم ؛ لأنهم هم حكام المسلمين السُنيين وليسوا المسلمين المغوليين، أو الرافضة الملاعين_ فلم يكن موقفه العداء من كل حاكم (بغض النظر عن نهجه وسلوكه كما يفعل البعض اليوم)!! وكأن الحاكم لا يصيب أبدًا في نظرهم إلا إذا كان واحدًا منهم فأنه حينها يكون معصومًا!! وهو السعي الخفي خلف السلطة والمُلك
أخيرًا أقول: ليس هناك مشكلة في علم ابن تيمية في الفقه، والحديث، وغيره لكن يجب أن نعلم أن أغلب فتاويه لعصره هو، ولا تُنقل لعصرنا نحن أبدًا مثل ما فعلت داعش الملعونة، وحلفاؤها الذين أسقطوا فتاويه التي كانت في مسلمي التتار والمغول والرافضة ومن عاونهم، وجعلوها فينا نحن قبحهم الله تعالى، وأهلكهم.
ابن تيمية كان حادًا على كل من يفرط في بلاد المسلمين، أو يتهاون في الدفاع عن بلده، وكان قاسيًا على من يسمح بخرابها ودمارها، وتفتتها، وضياعها، أو يقصر في حفظها والذود عن حياضها، ولوكان بيننا اليوم لسحقكم بنعله يا من خربتم ديار المسلمين، وقتلتم أبناءه ولا تزالون في غيكم قابعين.