رانيا ضيف
يُقال أن امرأة دخلتِ على هارون الرشيدِ، وعندهُ جماعةٌ من وجوهِ أصحابهِ، فقالتْ:
يا أميرَ المؤمنينَ، أقرَّ اللهُ عينك، وفرَّحكَ بما آتاك، وأتمَّ سعدَكَ؛ لقدْ حكمتَ فقسطتَ.
فقالَ لها: مَنْ تكونينَ أيتها المرأةُ؟
فقالتْ: مِنْ آلِ بَرْمك؛ مِمّنْ قتلتَ رجالَهم، وأخذتَ أموالَهم، وسلبتَ نوالَهم.
فقالَ: أما الرّجالُ فقدْ مضى أمرُ اللهِ فيهم، وأمَّا المالُ فمردودٌ إليكِ.
ثم التفتَ إلى أصحابهِ سائلا: أتدرونَ ما قالتِ المرأةُ؟
فقالوا: ما نراها قالتْ إلا خيرًا.
فقال: ما أظنُّكم فهمتم ذلكَ؛
• أما قولها “أقرَّ اللهُ عينَك” أيْ أسكنها عن الحركةِ، وإذا سكنتِ العينُ عن الحركةِ عَمِيَتْ.
• وأما قولُها “فرَّحَكَ اللهُ بما آتاكَ” فأخذتْهُ من قولِهِ تعالى: {حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُممبْلِسُونَ} [الأنعام/44]
• وأما قولُها “أتمَّ سعدَكَ” فأخذتْهُ من قولِ الشاعرِ:
إذا تمَّ شيءٌ بدا نقصُهُ ** ترقَّبْ زوالا إذا قيلَ تمّ
• وأما قولُها “لقد حكمتَ فقسطتَ” فأخذتْهُ من قولِهِ تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن/15]
فتعجَّبَ أصحابُه من فِطْنَتِهِ وفصاحةِ المرأة!