القاهرية
العالم بين يديك

قصص من التراث “فصاحة امرأة وفطنة خليفة”

127

رانيا ضيف

يُقال أن امرأة دخلتِ على هارون الرشيدِ، وعندهُ جماعةٌ من وجوهِ أصحابهِ، فقالتْ:

يا أميرَ المؤمنينَ، أقرَّ اللهُ عينك، وفرَّحكَ بما آتاك، وأتمَّ سعدَكَ؛ لقدْ حكمتَ فقسطتَ.

فقالَ لها: مَنْ تكونينَ أيتها المرأةُ؟

فقالتْ: مِنْ آلِ بَرْمك؛ مِمّنْ قتلتَ رجالَهم، وأخذتَ أموالَهم، وسلبتَ نوالَهم.

فقالَ: أما الرّجالُ فقدْ مضى أمرُ اللهِ فيهم، وأمَّا المالُ فمردودٌ إليكِ.

ثم التفتَ إلى أصحابهِ سائلا: أتدرونَ ما قالتِ المرأةُ؟

فقالوا: ما نراها قالتْ إلا خيرًا.

فقال: ما أظنُّكم فهمتم ذلكَ؛

أما قولهاأقرَّ اللهُ عينَكأيْ أسكنها عن الحركةِ، وإذا سكنتِ العينُ عن الحركةِ عَمِيَتْ.

وأما قولُهافرَّحَكَ اللهُ بما آتاكَفأخذتْهُ من قولِهِ تعالى: {حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُممبْلِسُونَ} [الأنعام/44]

وأما قولُهاأتمَّ سعدَكَفأخذتْهُ من قولِ الشاعرِ:

إذا تمَّ شيءٌ بدا نقصُهُ ** ترقَّبْ زوالا إذا قيلَ تمّ

وأما قولُهالقد حكمتَ فقسطتَفأخذتْهُ من قولِهِ تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن/15]

فتعجَّبَ أصحابُه من فِطْنَتِهِ وفصاحةِ المرأة!

قد يعجبك ايضا
تعليقات