القاهرية
العالم بين يديك

سيدة المطر

271

بقلم- إيمان ضيف

لم تكن بارعة غير أنها تحول الأماكن بيوتا دافئة، تلك الفتاة التي يزينها الحياء، فما رأيت أحدا يشبهها في شدة خجلها. فسبحان من زين المرأة بالحياء وزين الحكيم بالصمت.
يعرفها الجميع باسمها بينما أعرفها أنا بسيدة المطر.
عدت مسرعا إلى منزلي ومن ثم إلى غرفتي
،أشعلت الضوء الخافت وجلست على مكتبي الذي يطل هو الآخر علي بحيرة صغيرة أرقبها من خلال النافذة، التقطتُ قلمي ومحبرتي الخاصة وبدأت أدون:
أيا سيدة المطر” فتسارعت دقات قلبي وأصبح صدري يعلو ويهبط كأنها ماثلة أمامي والتقت عيناي بعينها فويل للفؤاد من جرح أصابه سهم ناظريها .
أغمضت عيني واستنشقت ورد دمشق الأبيض من تلك المزهرية أمامي، ثم بدأت أتذكر ما حدث لي منذ ساعتين.
كان يوم عطلتي فشرعت أتجول برفقة الكاميرا والتقاط الصور المميزة، بدأ المطر في الهطول،بالنسبة لي كان أفضل وقت ممتع تحت المطر واستنشاق رائحته الممتزجة برائحة حبات الذهب الأسود والتي لا تقل جمالاً عن رائحة القهوة التي كنت أتلذذ بطعمها حينئذ،وقطع ذلك كله فتاة ارتطمت بي ،تركض كأنها تسابق الزمن،وإذا بها تتوقف.رأيت ابتسامتها التي يتخللها الهدوء ووجنتيها الحمرواتان قبل أن تتفوه بكلمة “أعتذر” عفوا منك لم انتبه .
بل أنا الذي لم انتبه لما تقول فلا أدري ما يشغلني أهما عيناها اللتان تحملان زرقة البحر في لونه، أم ابتسامتها التي سرقتها من فراشات الحي، أم عطر الياسمين الذي يتصاعد من ثغرها.
لم التفت لأي شئ تقوله سوى أنني أرقب حبات المطر وهي تتساقط علي وجهها الملائكي كريشة الفنان حين ينثر ألوانه علي لوحته، ودون تفكير مسبق التقطت لها صورة وسط الغيوم الملبدة باللون الرصاصي وحبات المطر تزين وجهها فكأنما الشمس أشرقت واجتمعت في ابتسامتها .أما عن خصلات شعرها فكانت مزينة بحجاب رأسها كالتاج يلمع ويضئ عتمه هذا اليوم . خبأتهما عن لحظ الأعين .ويحك يا سيدة المطر يليق بك هذا الاسم .كما يليق بك الورد علي وجنتيك ، اضحيت أعهد خطاك كل يوم فتبتهج الروح لرؤيتك ،هي فقط مسألة وقت وأيام وليالي ولن تصبحي سيدة المطر بل ستصبحين سيدتي أنا .

قد يعجبك ايضا
تعليقات