القاهرية
العالم بين يديك

الذكاء العاطفي متنفس العقل

138

بقلم دكتورة سلوى سليمان

أتحدث معكم بين ثنايا مقالي اليوم عن مفهوم قد يبدو لأول وهلة غير مألوف لدى الغالبية من الأفراد مقارنة بغيره من أنواع الذكاءات الأخرى الأكثر تداولا واستعمالا وإدراكا، أنه الذكاء العاطفي ذلك الساحر الذي يذيب الفوارق وينثر الألفة بين القلوب ويكسر حاجز الرهبة والخوف بين الأشخاص في أي مضمار وعلى أي صعيد، ويبدأ بإدراك الفرد لعواطفه والتحكم فيها، وايضا عواطف الآخرين المحيطين به، ثم ترجمة تلك العواطف إلى أفكار واضحة وأفعال من شأنها أن تساعد في التواصل الإيجابي مع الآخر وعدم جرح مشاعره، وعلى الرغم من أن هذا المفهوم يبدو سهلا و بسيطا ومفهوما إلا انه يحتاج إلى جهد كبير في إدراكه، ومقدرة خاصة لتوظيفه.

وقد توصلت دراسة بالولايات المتحدة تناولت الذكاء العاطفي والاجتماعي، أشارت إلى أن تدريس هذا النوع من الذكاء يفيد الأطفال في حياتهم العملية،والاجتماعية ويحافظ على الصحة النفسية ويزيد من مهارات التواصل، ويجعلهم أكثر تعاطفا مع أقرانهم، وأكثر تفهما وأكثر قدرة على تكوين علاقات اجتماعية مستمرة، والبعد عن إثارة الخلافات أو الاشتراك فيها.

ومن هنا فتنمية الذكاء العاطفي ضرورة ملحة في كل مناحي الحياة، حيث انه المارد الذي يحفز الأشخاص لتحقيق أحلامهم في إطار الجماعة، والتفاعل مع الآخرين وتقبل الاختلاف دون إثارة العنف ورفع راية السلام والتسامح والتفاهم ولكن لن يتم ذلك دون تقنيين علمي كي نصل إلى مُخرج مقبل على العمل والحياة، متحفزا لتنمية قدراته على حل المشكلات المختلفة.

وقطعا ينسج هذا في سياج ما نسميه الذكاء العاطفي في القيادة والإدارة في كافة مواقف الحياة؛
فالذكاء العاطفي يلعب أدوار عديدة داخل إطار العملية التعليمية والحياتية، فله الدور الأكبر في بناء الشخصية واكتساب القدرة على التعامل بشكل متوازن مع العالم المحيط بنا ويكون بوتقة تدعم الصحة العاطفية التي تعد من الضرورات المهمة لحدوث التعلم بكافة صورة بشكل فعال وجيد، مما يساهم في تحقيق الأهداف المرجوة.

وقد أثبتت الدراسات في هذا المنحى أن المزج بين القدرة العقلية والعاطفية عند الشخص تعد المحور الرئيسي من أجل نجاح عملية التعلم، ومن هنا تجلت أهمية هذا النوع من الذكاء، وأهميته في ثراء الفكر والفهم لشتى الأمور الحياتية.

وكل انسان يحيا كي يتعلم مهما بلغ سنه وخبرته، ورصيدة في الحياة، لذا نجده في صيرورة مستمرة يستقي العلم أينما وجد، لذلك فهو في حاجة إلى استخدام القدرات العاطفية كي يكتسب مهارات الثقة بالنفس، ويحدد دوافعه لأنه حرفيا متنفس العقل الذي يغني الإنسان عن مشاكل عديدة تعوقه، وتعرقله عن التقدم وتحصيل المعرفة.

ومما لاشك فيه أن هناك فروق فردية بين الأفراد في درجة تحصيل المعرفة واستقاء المعلومات لذا كان الذكاء العاطفي السبيل المحنك المرن الذي يأخد بيد الأفراد صوب اكتساب كل ما هو إيجابي يعزز قيمته ويحميه من التعرض للخطر نتيجة ما يعانيه من ظروف اجتماعية، صحية، اقتصادية أيضا نفسية نتيجة التنمر به، حيث أن الذكاء العاطفي يحافظ على الصحة النفسية ويزيد من مهارات التواصل وبالتالي يحسن القدرة ع التكيف والتعايش.

لذا من الأدعي لنا أن نسعى إلى إكساب الأطفال هذه القدرة منذ نعومة أظافرهم، لكي تنمو معهم وتنمو مكتسباتهم ويحظى المجتمع بهم بالتقدم والرقي.
فعندما تتمكن من قيادة عواطفك وأحاسيسك ومشاعرك، وتعمل على إدارتها بكفاءة من أجل الشروع في اتخاذ القرارات الإيجابية والسليمة، فأنت على مشارف أبواب النجاح.

وبالكاد أن عدم الاهتمام بتطوير القدرات العاطفية منذ الصغر يمكن أن يؤدي إلى فقر عاطفي ينجم عنه أحداث، ومشاكل مختلفة مثل العنف والسلبية والعناد والشغب والتخريب واللامبالاة وقلة الثقة بالنفس وقلة الضمير، ويعضد ذلك الفيلسوف أفلاطون قائلا :كل تعلم له أساس عاطفي، أيضا لا انفصال بين العاطفه والعقل فكلاهما يكمل الآخر شريطة أن لا تطغى العاطفة على العقل فلا تفكير بدون عاطفه ولا عاطفة بدون تفكير سليم….
اخيرا… من أجل حياة سلسة مريحة هادئة يتخللها فرص عديدة للنجاح، علينا أن نحرص أن يكون الذكاء العاطفي منهاجا للتعامل مع الآخرين في كل المواقف والأحايين…

قد يعجبك ايضا
تعليقات