بقلم/ سالي جابر
ديسمبر مثل سائر الأشهر، هو نهاية فصل الخريف، نهاية سقوط أوراق الشجر، شديد المطر، هواؤه بارد، تتدلي فيه قطرات المطر كستار منسدل، عندما تظهر فيه الشمس تصنع قوس قزح بألوانٍ زاهية، لكل لون فيه حياة مختلفة وتفسير خاص، تتعلق فيه الأحلام ببداية جديدة، بداية حياة، فهو نهاية شهر وبداية عام.
نشعر ببرودة الطقس ونجتمع سويًا لنحتسي المشروبات الساخنة، نتجمع معًا لنشاهد التلفاز، ربما نشتهي بعض الأطعمة الدسمة التي تمد الجسم بالدفء والحرارة، طعام بنكهة الحب من يد أمي، ثم شاي بالنعناع من يد أبي.
هو شهر الحب الذي تدفئنا فيه كلمات الحب، والربت على الكتف بكلمات الحنان، في أخر يوم في شهر ديسمبر، آخر شهور السنة نجتمع لنحتفل، ليس بمرور عام وقدوم آخر، إنما بالإنجازات التي حققناها حتى وإن كانت دموع مكبوتة خرجت على هيئة بسمة رطبة، إنجاز كتاب في غير موعده، مشوار تم تأجيله لأيام، مذاكرة انقضت، إنجاز بسيط أدخل السعادة على قلوبنا.
لم أر في أي شهر اختلاف عن شهر ديسمبر، ولا أرى ميزة تنافسه عن غيره من الأشهر سوى أننا نعيد فيه حسابات اثنى عشر شهرًا، بالقليل والكثير، فكما نقول أن حبيبات الملح لا تختلف عن حبيبات السكر من بعيد أو قريب إلا بطرف اللسان، فإن ما يجعل ديسمبر مميزًا؛ هو طرف القلب؛ الذي يعي إن كان أنجز أم لا، إن كان يحب بصدق أم لا، ماذا تَعَلَّم، ما تبقى له من الأشخاص على مدار عام، ففيه نعيد حساباتنا ونرتب كل شيء على الورق، في ديسمبر تبدأ الأحلام، حينما نعلم إن كان ما حلمنا به قد تحقق، وما خطه القلم في أوراقنا المبعثرة على طاولة العام، قد نـفِد، وما بقي من زبد البحر كان أنفع.
يعشقه المحبين؛ لرقصهم على أنغام المطر، والطلاب لأجازاتهم الدراسية، والأطباء لزيادة مرضى الجيوب الأنفية، وأنا أعشقه لأن فيه مولدي، ولكل شخص فيه هدف وغاية.
عزيزي ديسمبر، ملأت شوارع مدينتي ثلجًا، وكل ما أتمناه الآن أن أحتفل بذكرى مولدي تحت أمطارك الثلجية مع كوب قهوة وغناء فيروز ” رجعت الشتوية، ظل افتكر فيَّ، رجعت الشتوية، يا حبيبي الهوى مشاوير وقصص الهوى مثل العصافير….”
تبدأ فيه أحلام النجاح، والحب، والدفء…