بقلم / د.سلوى سليمان
عمالة الأطفال ظاهرة تنتشر في مختلف أنحاء العالم فيتعرض من جرائها عدد لا يحصى من الأطفال بصفة يومية إلى مخاطر تُعيق نموهم، وتقف عائقاً أمام تنمية قدراتهم ؛حيث يتم تشغيل الأطفال في أعمال شاقة لا تناسب قدراتهم الجسدية، تحت ظروف صعبة وبالتالي ينعكس تأثيرها بالسلب على مستقبلهم .
وعند تحديد المقصود بعمالة الأطفال يجب التمييز بين العمل النافع ،والعمل الضار للطفل، فكل عمل يضع أعباء ثقيلة عليه، ويهدد سلامته وصحته ونموه ورفاهيته،و يستفيد من ضعفه وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه، ويستغل عمله كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، ويستخدم وجوده ولا يساهم في تنميته، ويعيق تعليمه، ويغير حياته ومستقبله فهو عمل ضار، أما اذا كان عملاً يُساعد على تطوره الجسمي والعقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي، دون أن يؤثر على دراسته أو راحته ومتعته ، ويتناسب مع عمره فهو عمل نافع .. إلا أن كلاهما يقع تحت مسمى عمالة الأطفال .
والحقيقة المؤلمة أن ملايين الأطفال يعملون لمساعدة أسرهم بطرق لا تنطوي على ضرر أو استغلال ؛ فتشير تقديرات اليونيسف إلى أن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين 5 أعوام و 14 عاماً في البلدان النامية، وحوالي 16٪ من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، ينخرطون في عمالة الأطفال.
وقد عانت المجتمعات منذ القِدَم من ظاهرة عمالة الأطفال، فقد انتشرت بين المدن المتقدمة صناعيّاً، والدول النامية والفقيرة، وتُعدّ هذه الظاهرة العالمية مشكلة معقدة، خصوصاً في المجتمعات التي يكون مصدر عمالة الأطفال نابعاً عن الثقافة والتقاليد السائدة في ذلك المجتمع، أو عندما تكون ناتجة عن بُنية البلاد وظروفها الاقتصادية.
وتترتب على عمالة الأطفال آثار كثيرة ، منها :
1-حرمان الطفل من الحصول على قدر مناسب من التعليم، ومن التمتع بطفولته.
2-التعرض لظروف عمل صعبة، قد لا تناسب حالته الجسمية والعقلية ،وتعرضه لأمراض العمل وإصاباته وأخطاره.
3-تفشى بعض العادات والظواهر السيئة بين الصغار، مثل التدخين وتعاطي المخدرات.
4-انتهاك حقوقه، واستغلاله بالعمل ساعات طويلة.
5-تأثر طباع الطفل حيث يصبح عدوانيًا ؛ يميل إلى العنف ضد المجتمع ؛ ويتغير ميزان القيم لديه إذ يصبح المال أغلى قيمة .
ونظرا لخطورة هذه الظاهرة فهناك محاولات دولية
لمكافحتها؛ لذلك فقد عقدت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989، وهي اتفاقية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لتضع مجموعة من الحقوق المختلفة (الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية) للأطفال، وتعترف المادة 32 منها، بحق الأطفال في الحماية من الاستغلال الاقتصادي، ومن الأعمال التي تهدد صحتهم أو تؤثر على نموهم؛ فضلاً عن إلزام الدول الأعضاء بوضع حد أدنى لسن العمل،وتحديد ساعات العمل وظروفه، وفرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة؛ لضمان إنفاذ هذه المادة بفعالية.
كما تدعم اليونيسف أيضا المجتمعات المحلية في تغيير قبول عمالة الأطفال ثقافياً، وفي نفس الوقت تدعم استراتيجيات وبرامج توفير دخل بديل للعائلات والحصول على خدمات دور الحضانة والتعليم الجيد والخدمات الوقائية.
واخيرا نأمل في استجابة متكاملة في كل أنحاء العالم للقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال ؛كي يأتي يوماً تندثر فيه … فيتحرر الطفل من وطأت الألم والمعاناة وسلب الحرية وضياع حقوقه، ومن عادات اجتماعية بالية لا جدوى منها فرضت عليه.