كتبت/ سالي جابر
هذا الكتاب يتحدث عن العلم وشبه العلم ونصف العلم واللاعلم، بعضه انبهار بالعلم وبعضه دهشة من كراهيتنا له وحساسيتنا المفرطه نحوه، ينقسم الكتاب إلى قسمين؛ القسم الأول: حكايات طبية، تحدث فيه عن الأمراض والفيروسات، وتداول الاعشاب دون العلم بمكوناتها الفعالة للقضاء على الأمراض، وكيف توجد أسماء شركات وأشخاص يقولون عن أنفسهم كم هم بارعون في الطب البديل( علم الأعشاب) وعن الأشخاص المتمارضون- من يجيدون إدعاءالمرض، ويتضمن تسعة عشر مقالة.
أما القسم الثاني: يتناول حكايات بعيدة عن الطب، ثم وضع أخيرًا الحل لمواجهة تلك المشكلات التي نعانيها، ويتضمن أربعة عشر مقالة.
المقالات غير منفصلة، وواضحة ويسيرة جدًا، ولغة الكاتب بسيطة قريبة جدًا لمن يقرأها.
الدكتور أحمد خالد توفيق، الطبيب يحكي لنا في هذا الكتاب كيف ننخدع على أيدي أطباء لا يفهمون شيئًا وكيف لوزارة الصحة أن تضع أرقامًا غير حقيقية للتقليل من حجم المشكلة وبالتالي نقع في مشكلة أكبر وهذا حينما ظهر فيروس إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، تحدث عن حمى القلاع وهو مرض قديم يعرفه الفلاح المصري جيدًا.. وقال إنه يوجد خلط مع مرض يصيب البشر اسمه ” مرض اليد والقدم والفم” وهو مرض يسببه فيروس” كوكزاكي” وهذا الخلط يشيع الخطأ الشائع أن مرض المواشي يصيب البشر؛ حمى القلاع التي تصيب المواشي تنجم عن فيروس يدعى” بيكورنا” .
وتحدث عن فيروس “كورونا” بسخرية لطيفة- كعادته حينما يبدي تضجره من أمرٍ ما- فقال عندما وصل الكورونا إلى مصر كان يحمل اسم (MERS-CO) ويعني” المتلازمة التنفسية الخاصة بالشرق الأوسط الناجمة عن فيروس كورونا” وقال” لاحظ أشياء عديدة في جسم من حاول أن يصيبهم..هناك الكثير جدًا من دخان العادم ودخان السجائر ودخان الشيشة والغاز المسيل للدموع..هؤلاء القوم يتنفسون دخانًا لا هواء، والبحر ملوث بشكل لا يوصف.. لقد أصيب الفيروس بالربو ولم يعد يستطيع التقاط أنفاسه..يحتاج لجلسة استنشاق.
عندما حاول أن يتسرب إلى دم هؤلاء، وجد أنهم يعانون فقر الدم بشكل أو بآخر..هذا دم لا يسمح لتكاثر فيروس مكتمل العافية مفعم بالفحولة.هناك نسبة عالية من مادة( الترامادول) كذلك.. وهذا جعله يترنح وبدأ يصيح:( إخص ع الصرصار اللي في الملوخية) بعد قليل عرف أن وعيه ينسحب..الحياة تتسرب منه..سقط.. لقد قضت مصر على الفيروس”.
ومن خلال حديثه عن الآوبئه في النصف الأول من الكتاب، أعلن أن الإشاعات التي تنتقل حول المرض، والأطباء الذين لا يجدون علاجًا له، والإنترنت- الوسيلة السريعة لنقل المعلومات- تنقل لنا معلومات خاطئة، وتساءل: هل انتشار المعلومات الخاطئة أفضل أم عدم انتشار المعلومات على الإطلاق؟
وأوضح أنه لابد من وجود العقلية النقدية، التي يمكنها التشكك في كل ما يُقال.
أما عن من يستخدمون الأعشاب كطب بديل دون أن يدركون مدى فاعليته، ولكن نجد من يقول لو كان المرضى ظفروا بالشفاء مع الطب لما ذهبوا للأعشاب، من ينخدع بمال دفعه لشخص أوحى له بأن تلك الأعشاب تخلصه من مرضه، الذي صرف عليه الكثير مع الأطباء هل فكر يومًا أن لكل دواء مادة فعالة هي من تترك أثرها على المريض فتقضي على المرض، هل فكر ذات مرة أن يسأل الشخص عن النبات المستخلص منه تلك الوصفة وعن المادة الفعالة بها، بالطبع لا لإنها وصفات مجربة من قِبل فلان الذي انخدع ولا يُظهر أنه وقع تحت براثن النصاب، ثم نأتي لمن يدعون أنهم مخترعون، يعلن المخترع عن كشف غامض ثم يتوارى خلف جدار حصين، والجدار هو تلك المقولة( أننا لن نتقدم أبدًا لأن النفوس وحشة ونحن نحقد على بعض) ( عندنا العلم كله بس يا خسارة!) ( المصري لا يجيد سوى هدم المصري) وأكد د. احمد خالد توفيق أن” العقلية التي تصدق أي اكتشاف، هي عقلية غير قادرة على التوصل لأي اكتشاف”
وتحدث عن علامات العلم المزيف التي وضعها العالم الأمريكي( روبرت بارك) في كتابه ( الفودو العلمي) :
1- الباحث يقدم أبحاثه للصحافة ووسائل الإعلام مباشرة ولا يقدمها للمحافل العلمية.
2- الباحث يزعم أن المؤسسات الكبرى تحاول سرقة عمله، وتبدأ نظريات المؤامرة.
3- الباحث أجرى أبحاثه منفردًا.. دون تواصل مع مؤسسات بحثية كبرى
4- الباحث يعتمد على أدلة شفهية لتدعيم كلامه.
أما القسم الثاني من الكتاب وهو ( بعيدًا عن الطب) تحدث فيه عن اختبار رورشاخ وهو اختبار إسقاط نفسي، عبارة عن بطاقات تحتوى على بقعة حبر، وتعرض العشر بطاقات على المفحوص ليتناولها كما يشاء ثم يقول ما يرى، وقال أن بعض المحللين يرون أن هذا الاختبار انتهى عصره، والبعض يرى أنها بقع خبر لا تُظهر إلا نفسية المحلل، لكن لي رأي آخر، وهو أن هذا الاختبار إسقاطي؛ المفحوص يرى به الصورة التي تظهر نفسيته وله أن يقلب البطاقة، وللاختبار ثبات وصدق ، ولتفسيره يضع الفاحص العديد من المعادلات والنتائج، وهو يظهر ما لا يمكن أن يقوله المفحوص.
ويرى في نهاية الكتاب أن الحل الأمثل لتلك المعضلة، لشبه العلم هي الارتقاء بالعلم ذاته،:” أن الحياة تزداد تعقيدًا بطموحاتها والسعار الاستهلاكي الذي أصاب المجتمع، وأننا في دائرة شيطانية، والمشكلة كبيرة فعلًا وحلها يحتاج إلى ثورة كالتي قامت بها الولايات المتحدة في الستينات بعدما غزا السوفييت الفضاء، وكل خبير تربوي يعرف التشخيص والعلاج جيدًا لكنه لا يملك سلطة تنفيذية. أعرف أن هناك مخرجين وحيدين لمشاكل مصر. هما الديمقراطية والتعليم”
انتهت كلماته هنا، عليه رحمة الله، دائمًا ما يبدع بكلماته البسيطة وأفكاره الغير متحيزة، ويصل بنا إلى بر الأمان.