القاهرية
العالم بين يديك

مفهوم السعادة

153

بقلم / رانيا ضيف

لماذا لا نذكر هزائمنا عندما نحتفي بانتصاراتنا كجزء أصيل من الرحلة ؟
لماذا نلتقط الصور ساعة الوصول ولا نلتقطها أثناء مشقة المسير !
عند كل فرحة؛ عندما تلمع عيوننا لمَ لا نعترف أن نفس العيون بكت كثيرا وتألمت لتنعم بتلك اللحظة !
لماذا نعلن الجانب المشرق من الحياة وكأنه ما
انطفأت أنوارنا قط؟
كنت أظن قديمًا أن تحقيق الأشياء العظيمة مصدر للسعادة ولكنني اكتشفت أن لحظة الوصول تتوه فيها مشاعرنا نكاد لا ندري بما تشعر !
كنت أراقبني عند تحقيق أي حلم
فأتذكر كم خطوت له كثيرا فوق الأشواك بخطى ثابتة لا تحيد عن الطريق ونزفت من أجله راحتي واستقراري .
كنت أنا والتوتر نترافق أحايين كثيرة والخوف يطل برأسه يرعبنا ويختفي ليعود كل فترة ونحن لازلنا على الطريق ..
ربما أشعر بالامتنان والسعادة ولكن سرعان ما تزول بمرور اللحظة !
إذا متى سأشعر بالسعادة دون أن تزول سريعا ؟
طرحت سؤالي مباشرة في تجمع أسري
ما هي السعادة ؟
أجابت ابنتي الصغيرة السعادة هي الأسرة،
الجو العائلي الدافيء هو سعادتي وأن أكون بصحة جيدة .
وأجابت ابنتي الأكبر أشعر بالسعادة عند تحقيق الهدف والسعادة بشكل عام تكمن في السلام الداخلي .
وأجاب زوجي أن السعادة هي الرضا عن النفس .
وظل بالإجابات شيئا ناقصا .
هل يجوز أن نقول أن السعادة صناعة وقرار
هي ليست غاية إنما هي أسلوب حياة !
أعجبتني مقولة الدكتور مصطفى محمود
“السعادة ليست في الجمال ولا في الغنى ولا في الحب ولا في القوة ولا في الصحة .. السعادة في استخدامنا العاقل لكل هذه الأشياء.”
أي أنه رآها كما أراها الآن فهي منهج وسلوك .
كما جاءت كلمة الدكتور إبراهيم الفقي
تتوافق وظني حيث قال :
“يظن الناس أن الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح ولكن العكس هو صحيح
النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة”

اختلف تعريف السعادة عند الفلاسفة
فنظر أفلاطون إلى السعادة على أنّها فضائل الأخلاق والنفس؛ كالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة، وأن سعادة الفرد لا تكتمل إلا بمآل روحه إلى العالم الآخر.
بينما عرّف أرسطو السعادة على أنّها هبة من الله وقسمها إلى خمسة أبعاد،
وهي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس.
ولأهل الأدب مفاهيمهم الخاصة عن السعادة فقال أبي العلاء المعري :
أما الدنيا فهي دار شقاء لا مكان للسعادة فيها.
وقال :
تعَب كلها الحياة فما أعــجب إلا مِن راغب في ازدياد
ويرى أنه لا خلاص من هذا الشقاء إلا بالموت فيقول:
ضجعة الموت رقد يستريح الجسم فيها، والعيش مثل السُّهاد.

بينما قال نزار قباني عن معنى السعادة :
“أن تمتلك شخصاً يجعلك تغفو مبتسمًا وتستيقظ مبتسمًا وما بين الابتسامتين قلب فَرِح و راحة لا توصف ” .

ويقول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:
فما السعادة في الدنيا سوى حلمٍ
ناءٍ تضحّى له أيامَها الأمم.

ويرى إيليا أبو ماضي في قصيدته «لم يبق غير الكأس» أن السعادة يكتنفها الشك والوساوس والظنون، فيقول:
إن السعادةَ لا وصولَ لعرشها إلا بأجنحةٍ من الوسواسِ
وهي اللغز الغامض كما تقول نازك الملائكة:
قد بحثنا عن السعادة لكن
ما عثرنا بكوخها المسحور
أبدا نسأل الليالي عنها
وهي سرّ الدنيا ولغز الدهور .

ويختلف مفهوم السعادة بين الناس على اختلافهم؛ حسب أولوياتهم والقيم العليا في حياتهم، وقناعاتهم، واختلاف حاجاتهم النفسية، وظروف بيئاتهم المحيطة، وسيظل الإنسان يبحث عن سر السعادة ويقتلها بحثا، ولا يصل لشيء ..

قد يعجبك ايضا
تعليقات