القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

لن يحبك أحد مثله

134

سهام سمير

أنا معكِ دائمًا حتى عندما لا أكون موجودًا”

قرأتها صباحًا فى الرواية، ثم مر بي شريط ذكريات خاص جدًا بأبي رحمه الله..

حين كنت أعد حاجياتي للزواج، وأرتب ما سأصطحبه معي وما سأتركه، لم أدرِ أني ما تركت شيئا، أحاطني بذكرياته دون أن نقصد معًا، كان يقوم بواجبه كأي أب وكنت أستمرىء عطائه كأي ابنة، متوقعة منه المزيد، حتى وإن ضغط على نفسه، وأتى هذا على مدخراته القليلة، لم أرتبط بتلك الأشياء التى أعدها لي، ولم أدرك قيمتها، إلا بعد رحيله، أصبحت أترحم عليه، كلما فتحت خزانة الأغطية لأفرش ملاءة نظيفة، أو أخرج إحدى الشراشف لأضعها بالحمام، أو أحصي الأطباق المتبقية من عبث أولادي بها، أتذكر أني ما وفيته حقه شكرا، وهو بيننا..
منذ فترة عاد زوجي بعلبة حلوى مولد، كان سعيدا برد فعل الأولاد على مرآها، مازحته أنا وابنتنا، ما جدوى الحلوى نريد عروسًا، رد الرد الأبوي الذى يهددنا به ويداعبنا فى آن: “أنا غلطان مش هاعملها تانى” .
ألمح مداعبته لابنتنا أقول:”مفيش حد هايحبك اد ابوكى”، عبارة مزدوجة المعنى تعجبه كأب لكن لا تروقه كزوج.
منذ فترة قامت ابنتنا بأداء أول عرض لها فى الجامعة،  كانت تشركنا فى كل الخطوات، ما اتفقوا عليه هى وزملاءها وما اختلفوا حوله، تشبث كل منهم برأيه، أعجبني اعتدادهم بنفسهم، وثقتهم فى أدائهم، حتى جاء يوم المناقشة، واتفقنا على اللبس وكل التفاصيل الصغيرة حول اليوم، وشاهدنا الصور والفيديوهات بعد عودتها، كان قلبي يتراقص فرحًا وعيني تذرف الدموع تلقائيًا، لا أفهم كلمة مما تقوله فى العرض، مسألة شديدة التخصص، لكني أسمعها بقلبي وأرقيها بعينى، فى المساء كانت تتحدث إلينا ولا تود التوقف ونحن أنهكنا اليوم، قام أبوها وحملها على يديه، فوجئت به، قالها بمزاحه المعتاد : “اوعى تكونى فاكرة انك كبرتى”، عبارة لخصت فرحه وقلقه عليها، فى الصباح، تبدلت المواقف، كان ببشاشة يستقبل اليوم الجديد، وهى تبدأ بالتكشيرة المعتادة، نحن نثمن الأيام حاليا، هم يمرون بها، ويتحدونها، تلبك خيط الكوتشي، التى تهم بارتدائه، لم تستطع فك تلبكه، انحنى عند قدميها، فك الرباط وعلمها كيف تربطه من جديد، وأنا خارج المشهد، أرمقهما من بعيد وتغالبني  دموعي، وأتذكر بابا وكلمتي لها : “لن يحبك أحد مثله”
تثبت الأيام  صدق المقولة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات