ريناد حسام
وسط الأراضي الخصبة بدلتا النيل، وتحديدًا في ضواحي فرع رشيد شمال كفر الزيات بمحافظة الغربية، تقع مدينة “صا” أو كما تُعرف حاليًا بـ”صا الحجر”، المدينة التي حملت في طياتها تاريخًا طويلًا من الازدهار الحضاري والديني، لتكون أحد أبرز معالم الجغرافيا المصرية خلال العصر القبطي.
مدينة الثراء والتحصينات
كانت “صا” قديمًا إحدى أغنى وأكبر المدن المصرية، وتميزت بقوة تحصيناتها وانتعاشها الاقتصادي، حيث اشتهرت بإنتاج المنسوجات الفاخرة وزراعة الكروم (العنب)، كما خرجت منها إحدى الأسر الفرعونية الحاكمة، ما يدل على أهميتها السياسية في فترات مختلفة من التاريخ المصري.
توثيق تاريخي واسع
لم تكن شهرة “صا” محلية فقط، بل ذُكرت في العديد من المصادر القبطية والعربية، التي أرّخت لمكانتها ودورها:
سيرة البابا إسحق ذكرت أن الراهب زكريا أصبح أسقفًا لمدينة صا.
في السنكسار القبطي (عيد تذكار القديس يوحنا كاما – 25 كيهك)، وُصِف يوحنا بأنه من بلدة صا.
أشار يوحنا النيقوسي إلى قوة تحصينات المدينة خلال الغزو الفارسي بقيادة قمبيز.
وردت في القواميس القبطية العربية بين مدينتي “نقيوس” و”طوة”.
ذكرتها قائمة الأسقفيات القبطية باعتبارها إيبارشية مهمة ضمن التنظيم الكنسي.
أوردها كتاب التعداد العام المصري باعتبارها تضم 73 بلدة تابعة.
أما المؤرخ العربي المقريزي، فأشار إلى استمرار ازدهار المدينة لفترة طويلة من الزمن.
الموقع الجغرافي الحالي
تتموضع “صا الحجر” حاليًا على الشاطئ الغربي لفرع رشيد، شمال كفر الزيات، وعلى مسافة ليست بالبعيدة من مدينة شبراخيت بمحافظة البحيرة. وبالرغم من اندثار بريقها الحديث، إلا أن بقاياها الأثرية وتاريخها المسجل في كتب الأقباط والمؤرخين، تجعل منها مدينة تستحق تسليط الضوء من جديد.
دعوة للبحث وإعادة الاكتشاف
يمثل تاريخ “صا” فرصة كبيرة أمام الباحثين في التاريخ والجغرافيا القبطية لإعادة إحياء هذا التراث المهم، كما أن موقعها الاستراتيجي وارتباطها الديني والتاريخي يمكن أن يؤهلاها لتكون وجهة سياحية وتاريخية فريدة، في حال تم استثمار آثارها بالشكل المناسب.
