أمريكا أولًا… لا حرب مع إيران!
رغم التصريحات النارية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي لوّح فيها بإمكانية دخول واشنطن على خط المواجهة مع إيران، سواء بتهديد مباشر للشعب الإيراني أو بالإشارة لاحتمال استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي، فإن الرأي العام الأمريكي يبدو رافضًا تمامًا لأي مغامرة عسكرية جديدة.
ووفقًا لاستطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة “يوغوف”، لم يُبدِ سوى 16% فقط من الأمريكيين تأييدهم لتدخل عسكري أمريكي ضد إيران، بينما عبّر 60% عن معارضتهم الصريحة لذلك.
حتى داخل معسكر ترامب نفسه، لم يكن التأييد واسعًا؛ إذ أظهر الاستطلاع أن 23% فقط من الجمهوريين يدعمون خيار الحرب، مقابل 51% يرفضونه، وهو ما يعكس تحولًا في المزاج المحافظ تجاه أولويات أمريكا الخارجية.
وعلى العكس، فإن 61% من الجمهوريين و56% من عموم الأمريكيين أبدوا دعمهم لخيار التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، بينما لم تتعدَّ نسبة الرافضين لهذا الخيار 18% فقط.
التهديد الإيراني… حقيقة أم تهويل؟
لا يبدو أن الجمهور الأمريكي مقتنع بوجود خطر وشيك يستدعي استخدام القوة، خاصة في ظل التصريحات التي أدلت بها مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، والتي أكدت فيها أن إيران لا تطوّر حاليًا سلاحًا نوويًا، وأن خامنئي لم يوافق على استئناف أي برنامج نووي عسكري منذ وقفه عام 2003.
ومع أن أحد كبار قادة الجمهوريين سارع إلى التشكيك في تصريحات غابارد، مؤكدًا أن طهران تمثل تهديدًا حقيقيًا، إلا أن ذاكرة الأمريكيين لا تزال مشبعة بندوب حرب العراق، التي اندلعت عام 2003 استنادًا إلى معلومات ثبت لاحقًا أنها كانت مضللة.
من هو العدو الحقيقي؟
عندما سُئل الأمريكيون عن الدولة التي تشكّل التهديد الأكبر لمصالح بلادهم، كانت الصين في المقدمة بنسبة 64%، تلتها روسيا بـ59%، ثم إيران بـ42% فقط، بحسب استطلاع أجراه مركز “بيو” في العام الماضي.
أما داخل المجتمع الحزبي، فيظهر استطلاع سابق لـ”غالوب” أن 93% من الجمهوريين و70% من الديمقراطيين يعتبرون أن تطوير إيران أسلحة نووية يُشكّل “تهديدًا حرجًا” للمصالح الأمريكية. ومع ذلك، لم يتحول هذا الانطباع إلى رغبة فعلية بخوض حرب.
الخلاصة: لا شهية لحرب جديدة
يتضح من الأرقام والمواقف أن الأمريكيين يرفضون الانجرار وراء مواجهة جديدة في الشرق الأوسط، خاصة إذا جاءت تحت عنوان قديم يتردد منذ عقود دون نتائج ملموسة. فبعد تجربة العراق، يبدو أن “أمريكا أولًا” تعني اليوم تفادي الحروب أولًا.
