القاهرية
العالم بين يديك

العالم يترقب تحولات كبرى في موازين القوة

19

كتب خالد جمال غالب

تشهد الساحة الدولية حالة غير مسبوقة من الترقب والتوتر في ظل تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية والعسكرية في أكثر من بقعة حول العالم. العالم يقف الآن على أعتاب مرحلة جديدة ستُعيد تشكيل ملامح النظام الدولي برمّته.

فمع تزايد حدة الصراع بين الولايات المتحدة والصين، لا سيما في ملفات التكنولوجيا والطاقة والبحار، يبدو أن العالم مقبل على صراع نفوذ طويل الأمد سيُعيد رسم خارطة التحالفات التقليدية. أوروبا بدورها تعاني من إرهاق اقتصادي واستراتيجي بعد تداعيات الحرب الأوكرانية وتراجع الدور الأمريكي كحامٍ تقليدي لأمنها، ما يدفع بعض دولها إلى التفكير في بناء قوة دفاعية مستقلة.

على الجانب الآخر، تستمر منطقة الشرق الأوسط في التحول إلى ساحة مركزية في تفاعلات الطاقة والاقتصاد العالمي، حيث تلعب دول الخليج دورًا متزايدًا في الوساطة السياسية، وتوجّه جزءًا كبيرًا من استثماراتها نحو الشرق، بعيدًا عن الارتهان الكامل للغرب.

وفي قلب الشرق الأوسط، يتصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة، وسط عمليات متبادلة مباشرة وغير مباشرة في سوريا والعراق ولبنان، وأحيانًا داخل العمق الإيراني أو الإسرائيلي. إسرائيل تواصل استهداف المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية بعمليات استخباراتية وجوية دقيقة، فيما ترد طهران عبر أذرعها المنتشرة في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله في لبنان والميليشيات في العراق واليمن.
التقديرات تشير إلى أن أي خطأ في الحسابات أو عملية عسكرية أكبر من المعتاد قد تشعل حربًا مفتوحة بين الجانبين، خاصة مع اقتراب إيران من العتبة النووية، ما قد يدفع إسرائيل إلى تنفيذ ضربة استباقية واسعة. وفي حال اندلعت المواجهة، فإنها لن تقتصر على الطرفين فقط، بل قد تمتد إلى إشعال الجبهة اللبنانية، وتهديد الملاحة في الخليج العربي، وربما إدخال أطراف دولية في قلب الصراع.

وفي إفريقيا، تظهر بوادر نهضة اقتصادية في بعض الدول بالتوازي مع موجة انقلابات وتوترات أمنية تعيد تسليط الضوء على هشاشة بعض الأنظمة، بينما تحاول قوى دولية كروسيا والصين والولايات المتحدة إعادة التمركز داخل القارة السمراء من بوابة الاستثمار والوجود العسكري.

اقتصاديًا، من المتوقع أن تستمر أسعار الطاقة والغذاء في التذبذب بسبب التغيرات المناخية والاضطرابات الجيوسياسية، وهو ما قد يُشعل موجة تضخم جديدة في دول العالم الثالث، ويزيد من حدة التفاوت الاجتماعي، وربما يفتح المجال أمام اضطرابات داخلية في أكثر من دولة.

أما التكنولوجيا، فتستمر في الهيمنة على كافة القطاعات، حيث تبرز قضايا الذكاء الاصطناعي والسيطرة على البيانات باعتبارها ساحة صراع جديدة بين القوى الكبرى، وسط تخوفات من تأثيرها على سوق العمل والخصوصيةفي ظل هذه التغيرات، يبدو أن العالم لا يسير نحو استقرار قريب، بل نحو مرحلة انتقالية صاخبة ستستمر لسنوات، وقد تحمل في طياتها صعود قوى جديدة، وأفول أخرى، وبروز نظام عالمي جديد لم تتضح ملامحه بعد، لكنه سيكون بالتأكيد مختلفًا عن كل ما عرفناه في العقود الماضية.

قد يعجبك ايضا
تعليقات