القاهرية
العالم بين يديك

نحن أبناء البدايات.

9

بقلم: سمر يوسف

أعظم البدايات وُلدت ونحن لسنا على ما يرام،
لأننا ببساطة نحب أن نبدأ.
نعشق أول خطوة، أول محاولة، أول فكرة، أول حلم.

لسنا من أصحاب “النهايات السعيدة” وكفى…
بل نحن أبناء البداية التي تأتي دائمًا على عكس التوقعات.
نحن من لا يملّون البدايات، نرغب في البدء دومًا من جديد.

أما أولئك الذين يهوون إغلاق الصفحات وإعلان النهاية،
فهم لا يعلمون أن بداخلنا زرًا اسمه: “ابدأ من جديد”،
حتى ولو من نقطة الصفر،
حتى ولو كنا بمفردنا،
حتى وإن لم يرَنا أو يصدقنا أحد…
نبدأ فقط، لأن بداخلنا يقينًا أننا سنقابل من يؤمن بنا، ويكمل معنا الطريق.

نحن الذين، في خضم الألم،
نفتح صفحة جديدة ونكتب في أعلاها:
“هذه ليست محاولة جديدة، بل بداية حقيقية.”

نكتب الكلمات الجميلة دون أن نعلم من سيصل إليها،
نعشق الحياة كما هي،
لسنا ممن يترددون بين “نُكمل أم لا؟”،
بل نحن من يقولون: “لنبدأ مهما حدث.”

نفتح النوافذ كل صباح،
نخاطب الحياة قائلين: “نحن مستعدون”،
نبدأ بالصبر، وبنوايا طيبة،
لا ننتظر خطة خمسية، ولا دعماً نفسياً،
ولا حتى تشجيعاً من العالم أجمع…

أعظم بداياتنا كانت ونحن منهكون،
لا نعلم كيف سنكمل،
لكننا بدأنا…
وقفنا أمام المرآة بوجه باهت، وعين دامعة،
ثم، في لحظة، رأينا انعكاس أعيننا بنظرة منهكة،
لكن ابتسامتها شجعتنا، وكأنها إشارة انطلاق…
فنربط شعرنا، نغسل وجوهنا،
ونرتدي أرواحنا الجديدة،
ونواجه الحياة من جديد،
انطلاقًا من وجعٍ جعلنا أعمق وعياً، وأقوى قلبًا، وأشد شجاعة.

لسنا بحاجة إلى فرص،
بل نحن من نصنعها.
نقول لأنفسنا دائمًا:
“ثمّة درب جديد ينتظرنا.”

الناس تنتظر الإشارة…
أما نحن، فنمنح الإشارة لأنفسنا.
نهمس لأنفسنا: “هيا”،
ونبدأ بلا ضمانات،
بلا أحزمة أمان…
بقلب محارب لا يعرف الخوف،
قلب يشبه المظلة وقت السقوط،
يفتح في اللحظة المناسبة،
ويحملنا من جديد نحو الأعالي.

في كلٍ منا بداية لم تُكتب بعد،
بداية لا تزال تولد،
لها جناحان كُتب عليهما:
“ما زال لديّ أمل.”

لا تدع أحدًا يخبرك أنك قد تأخرت،
فالمتأخر هو القطار،
أما الأحلام، فهي دائمًا حاضرة،
لا وقت لها ولا موعد،
وموطنها في الأعالي… فوق السحاب.

نحن أبناء البدايات،
نخرج من العتمة بنور أرواحنا،
ومن الانكسار بقوة،
ومن الخوف بخطوة.

وعندما نلتفت إلى الخلف،
لا نقول: “ليتنا لم نبدأ”،
بل نقول:
“الحمد لله أننا لم نستسلم.”

نحن أصحاب الأجنحة الملوّنة،
ذات الريش الناعم،
نرتدي فساتين الزهر،
وحضورنا… مُبهر.

قد يعجبك ايضا
تعليقات