القاهرية
العالم بين يديك

الشك الذي قتل صاحبه

10

بقلم: أحمد خالد

الشك ليس خطيئة، بل هو فطرة. كلنا نشك. كلنا نتساءل. لكنّ الفرق بين العقل السوي والعقل الهش، هو كيف يتعامل كلٌ منهما مع هذا الشك.

الشك سلاح ذو حدّين. من عرف كيف يروّضه، صار حُرًّا. ومن تركه يعبث برأسه، صار عبدًا له.
الشك هو أول درجات المعرفة، وهو في ذات الوقت أول طريق الجنون. تلك المفارقة التي لا يُدركها كثيرون.

كم من عالم بدأ رحلته بسؤال بسيط: “لماذا؟” وكم من عقلٍ انهار لأنه لم يجد إجابة تكفي غروره أو تُرضي خوفه؟
الشك يصنع العلماء والفلاسفة، لكنه أيضًا يصنع القتلة والمهووسين.

نحن في زمن الشك.
الكل يشك في الكل: الزوج في زوجته، الموظف في مديره، المواطن في وطنه، وحتى الإنسان في نفسه.
لم نعد نُصدق حتى الصور، لأن الفوتوشوب أقنعنا أن العيون تكذب.
لم نعد نُصدق الكلمات، لأن الذكاء الاصطناعي يكتب ما لم يقله القائل.

الشك في هذا العصر لم يعُد وسيلة للتفكير، بل وسيلة للهدم.
كل شيء قابل للريبة. كل شيء مؤامرة. وكل شخص مُدان حتى يثبت العكس.

الشك في حد ذاته ليس عدوًا، لكن الخضوع له دون عقل هو الجريمة.
علينا أن نشك، نعم. لكن بوعي.
نشُك كي نفهم، لا كي نُدمّر.
نشُك كي نصل، لا كي نتوه.
وفى النهاية اقول .
الشك الذي لا يصاحبه عقل… هو الذي يقتل صاحبه.

قد يعجبك ايضا
تعليقات