القاهرية
العالم بين يديك

خيانة العهود

12

بقلم: أحمد خالد

أكثر ما يوجع القلب، ويثقل الروح، أن تُخدع في إنسان كنت تظن أنه مرآتك في الحياة، أن تعطيه من نفسك ما لا تعطيه لغيره، ثم تجد أنه أول من كسر العهد، وأول من خان الكلمة.

العهد بين البشر ليس مجرد كلمات عابرة، بل هو وعد تُعلّقه الأرواح في سماء الثقة، فإذا كُسر هذا الوعد، انهار شيء من القلب يصعب ترميمه. إن الألم لا يكمن فقط في فعل الخيانة، بل في الصدمة التي تصاحبها، حين يكون هذا الشخص الذي خانك هو الأقرب إليك، الأصدق في ظنك، والأغلى على قلبك.

ما يؤلمني اليوم ليس فقط أن أحدهم أخلّ بما بيننا من وعود، بل أنني راهنت عليه كثيرًا، وصدّقته أكثر مما ينبغي. كأنك تمنح أحدهم مفاتيح قلبك، فيعود إليك حاملاً كسورًا لا تُصلَح، وندوبًا لا تُنسى.

خيانة العهود لا تجرح اللحظة فقط، بل تعيش في الذاكرة، تُعلّم الإنسان ألا يثق كما وثق، وألا يُحب كما أحب، وتجعله يراجع نفسه أكثر مما يراجع من خانه. لماذا وثقت؟ لماذا أعطيت كل هذا؟

لكن، رغم الألم، تظل دروس الحياة مؤلمة لمن يملكون القلوب الصادقة. فنحن لا نندم على طيبتنا، بل نأسف لأن من منحناهم طيبتنا لم يكونوا أهلًا لها.

في النهاية، خيانة العهد ليست ضعفًا فينا، بل عيب فيمن لم يقدّر نعمة الثقة التي وُهبت له.

قد يعجبك ايضا
تعليقات