بقلم: د/ بسمة خالد
هي لم تكن كذلك في البداية.
كانت خفيفة، مرحة، مليئة بالحياة.
كانت تعرف ماذا تريد، وتُحب نفسها ببساطة ووضوح.
لكن شيئًا ما تغيّر.. بهدوء، ودون إعلان.
أصبحت متوترة دون سبب واضح، قلقة من ردود الفعل، تسأل كثيرًا عمّا إذا كانت محبوبة أم لا.
تأخذ قرارات صغيرة ثم تتراجع عنها. تتحدث بحذر، وتضحك بنصف طمأنينة، وتفكر مرارًا قبل أن تعبّر عمّا بداخلها.
هل هذه هي حقًا؟
أم أنها صورة جديدة فرضتها العلاقة التي دخلت حياتها ذات يوم؟
الحقيقة التي يغفلها الكثيرون أن المرأة لا تتغير وحدها.
في كثير من الأحيان، تكون تحوّلاتها استجابة مباشرة للطاقة التي تتلقاها ممن ترتبط به.
عندما تشعر بالأمان، يزدهر جانبها الحقيقي وتكشف عن جمال روحها.
وحين يخذلها من كانت تظنه سندًا، تبدأ في بناء حواجز لم تدرك أصلها.
عندما تكون مع من يحترمها ويقدّرها، تنمو وتزدهر.
وإذا تُركت تواجه الحياة وحدها، تتراجع خطوات إلى الداخل، ويتلاشى جزء منها يومًا بعد يوم.
ليست كل التصرفات التي تبدو “زائدة” أو “غير مفهومة” دليلًا على ضعف أو خلل.
في بعض الأحيان، تكون مجرد انعكاس لما تعيشه وتتحمله بصمت.
فالمرأة التي تتصرّف كأم، ربما وجدت نفسها مع شخص يتصرف كطفل.
والتي تبدو مسيطرة، قد تكون تعبت من غياب القيادة والمسؤولية في العلاقة.
والتي تعمل ليل نهار، غالبًا لم تجد من يشاركها الأعباء ويمنحها شعورًا بالشراكة.
كل سلوك له خلفية، وكل امرأة تخفي خلف تصرفاتها قصة لم تُروَ. لهذا، قبل أن تظن أنها أصبحت شخصًا صعبًا أو معقّدًا، اسأل نفسك:
متى بدأت تتغير؟
ومع من؟
المرأة لا تطلب الكثير.. فقط أن تُعامل بما تستحق، وأن يُنظر إليها كإنسانة كاملة لا مشروع لإصلاح أو إعادة تشكيل.
وعندما تضطر لتغيير ملامحها لتبقى، فالمشكلة لا تكون فيها، وإنما في البيئة التي دفعتها لذلك دون أن تنتبه.
