بقلم _ أحمد خميس
ليست الوحدة الوطنية في مصر مجرد شعارات تُردد، بل هي مواقف صادقة وراسخة تجسدت في أحلك اللحظات وأصعب الظروف، وخصوصًا في ميادين القتال.
من قلب ملحمة أكتوبر المجيدة، يروي الأستاذ مراد عوض الله صليب، أحد أبطال الحرب، ومربي الأجيال، وأستاذ اللغة الفرنسية، وابن محافظة البحيرة، موقفًا مؤثرًا لا يزال محفورًا في ذاكرته حتى اليوم:
“عظيمة يا مصر… أتريد أن تعرف كيف يحبك أخوك؟ تعال أحدثك، والله على ما أقول شهيد.”
في صباح يوم 7 يناير 1974، كان يرابط على جبل “المر”، ودبابته موجهة نحو ممر “متلا”، جالسًا داخل حفرة برميلية لا يغادرها ليلًا ولا نهارًا، مستعدًا لأي هجوم.
وفجأة، يصدر أمر من قائد الكتيبة، المقدم “علي الغليض”، بتخصيص وجبة إضافية له، تتكوّن من:
ثلاث فرق ونصف من البسكويت بالكمون،
نصف زمزمية ماء،
نصف بصلة جافة،
سبع حبات فاصوليا ناشفة.
لقد كان ذلك اليوم يوم عيد له، إلا أنه لم يكن يعلم! يقول:
“لم أكن أعلم أن ذلك الصباح هو يوم عيد… كنت نحيلًا، مصابًا بالجرب، بلا شعر في جسدي، بارز العظام من شدة الإعياء، ومع ذلك، فإن إخوتي لا مثيل لهم… عظيمة أنتِ يا مصر.”
ليست هذه مجرد حكاية من حرب، بل رسالة خالدة تُجسد عمق المحبة والأخوة بين أبناء الوطن الواحد، وتؤكد أن المصريين، في الميدان كما في الحياة، نسيج واحد لا تفرقه ديانة ولا يزعزعه عدو.
تحية للبطل الأستاذ مراد، ولكل من زرع في تراب هذا الوطن بذور المحبة والتضحية.
