بقلم: د/ بسمة خالد
ليس من السهل دائمًا إدراك أنك في علاقة مؤذية نفسيًا، خصوصًا إذا لم تكن هناك إساءة واضحة أو عنف ظاهر. فبعض العلاقات تُهدر طاقتك، وتُشككك في نفسك، وتُشعرك أنك لا تستحق أفضل، وتبقى فيها… ربما بدافع الحب، أو الخوف، أو الاعتياد. فما هي العلامات الصامتة التي قد تشير إلى أنك تعيش في علاقة تستنزفك نفسيًا؟
الشك الدائم في نفسك
هل تشعر أنك دائمًا المخطئ؟ أنك تبالغ في ردود أفعالك؟ أنك حساس أكثر من اللازم؟ قد تكون هذه الأفكار نتيجة لما يُسمى (Gaslighting)، وهو أسلوب نفسي يستخدمه الطرف الآخر ليجعلك تشكك في واقعك ومشاعرك. بمرور الوقت، تبدأ في فقدان الثقة بنفسك، وتصبح أكثر عرضة للتشكيك في أحكامك وقراراتك.
الخوف من ردود الفعل
حين تتردد قبل أن تتحدث، أو تشعر بالتوتر كلما أردت التعبير عن رأيك خوفًا من أن يغضب الطرف الآخر أو ينقلب عليك، فهذه علامة حمراء. العلاقة الآمنة تُشعرك بحرية التعبير، لا بالخوف من الرفض أو الانتقام العاطفي.
الإحساس بالذنب المستمر
في العلاقة المؤذية، غالبًا ما تشعر بالذنب: إن كنت سعيدًا بعيدًا عن شريكك، إن عبّرت عن حاجاتك، أو حتى إن طلبت شيئًا بسيطًا. وكأن وجودك في العلاقة مرهون بالتنازل المستمر، لا بالاحتواء الحقيقي.
العطاء من طرف واحد
أنت تبادر دائمًا، تعتذر دائمًا، تحاول أن تُصلح كل شيء… في حين أن الطرف الآخر لا يبذل أي جهد حقيقي. هذه الديناميكية تُضعفك ببطء، وتجعلك تشكك في قيمتك الذاتية، وكأنك وحدك المسؤول عن بقاء العلاقة، حتى وإن كانت تؤذيك.
الانعزال عن نفسك والآخرين
قد تلاحظ أنك تغيرت: لم تعُد ترى أصدقائك كما قبل، فقدت حماسك لهواياتك، لا تتحدث كثيرًا عن حياتك… وكأنك تحاول تقليص وجودك كي لا تُغضب الطرف الآخر أو لا تُزعجه، لا لأنك فقدت الرغبة في التواصل.
التقليل من مشاعرك
“أنت تبالغ”، “أنت درامي”، “كل الناس يمرّون بهذا”… عندما تُقلَّل مشاعرك وتُستهان آلامك باستمرار، يبدأ جزء منك في تصديق أنك فعلاً لا تستحق الاهتمام أو التفهّم. ليس لأن مشاعرك غير صالحة، وإنما لأنك اعتدت على عدم تصديقها.
تكرار الأذى ووعود التغيير
يعتذر، ثم يعيد الخطأ. يعدك بأنه سيتغير، لكن شيئًا لا يتغير. هذه الدورة تستنزفك وتربكك، وتبقيك في حالة انتظار لما لن يأتي، لا لأنك لا تفهم الواقع، وإنما لأنك تتشبث بالأمل.
العلاقات الصحية لا تُشعرك بالخوف أو الذنب أو عدم الكفاية. هي التي تمنحك الأمان، وتدعمك لتكون النسخة الأفضل من نفسك. إذا وجدت نفسك تتساءل باستمرار: “هل أنا في علاقة مؤذية؟” فربما تستحق أن تقف لحظة مع نفسك، وتتأمل الإجابة بصدق وشجاعة.
ليس عليك أن تنتظر انهيارك لتُدرك أنك كنت تستحق النجاة منذ أول وجع.
