بقلم: الدكتورة سماح إبراهيم عبد العزيز
يعتقد الكثيرون أن الراحة النفسية نوع من الرفاهية، أمر يخص من يملكون وقتًا فراغًا أو من فرغوا من جميع مسؤولياتهم. لكن الحقيقة أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الطعام، والشراب، والنوم… بل ربما تفوقهم أهمية!
فحين تعاني نفسيًا، لن تستطيع التركيز، أو التواصل الجيد مع أبنائك، أو حتى أداء عملك كما ينبغي. كل شيء من حولك سيبدو ثقيلاً… صوتك سيخفت، ابتسامتك ستبهت، وأقرب الناس إليك قد لا يدركون ما الذي تمر به.
المشكلة أننا نمنح العمل والالتزامات أولوية على أنفسنا. نسارع إلى زيارة الطبيب إذا ألمّ بنا مرض جسدي، لكن حين نشعر بالاكتئاب أو الاختناق، نصمت ونقول: “ستمر”. أو نسمع عبارات مثل:
“تماسك!”
“لا وقت للحزن!”
“كفاك دلالاً!”
لكن الحقيقة أنك لست بحاجة إلى الوصول للانهيار كي تهتم بنفسك.
الصحة النفسية تبدأ من تفاصيل صغيرة:
أن تأخذ قسطًا من الراحة عند التعب،
أن تقول “لا” حين تشعر بالضغط،
أن تطلب المساعدة دون أن تشعر بالذنب،
وأن تعامل نفسك بلطف كما تفعل مع الآخرين.
وعندما تشعر أنك لم تعد قادرًا على التحمل، لا تنتظر حتى تسوء حالتك أكثر… توجه إلى مختص، تحدث، عبّر عما بداخلك. هذا ليس ضعفًا، بل شجاعة ووعي.
لا تدع أحدًا يُقنعك أن “ما تمر به أمر طبيعي”.
ليس من الطبيعي أن تعيش مضغوطًا كل يوم.
ليس من الطبيعي أن تجد صعوبة في النهوض من فراشك.
وليس من الطبيعي أن تحيا بينما تشعر بالموت في داخلك.
الصحة النفسية ليست رفاهية…
إنها حق من حقوقك، وحق نفسك عليك.
