القاهرية
العالم بين يديك

الثقة فى الله ثم الثقة فى النفس

8

م / رمضان بهيج

لم يجد رجل الأعمال الغارق في ديونه وسيلة للخروج
منها سوى بأن يجلس على كرسي بالحديقة العامة
وهو في قمة الحزن والهمّ متسائلاً إن كان هناك من ينقذه، وينقذ شركته من الإفلاس؟
فجأة!
ظهر له رجل عجوز وقال له:
” أرى أن هناك ما يزعجك “،
فحكى له رجل الأعمال ما أصابه ،
فرد عليه العجوز قائلا :
” أعتقد أن بإمكاني مساعدتك ”
ثم سأل الرجل عن اسمه وكتب له ” شيكاً ” وسلّمهُ له
قائلاً :
” خذ هذه النقود وقابلني بعد سنة بهذا المكان لتعيد المبلغ “،
وبعدها رحل العجوز وبقي رجل الأعمال مشدوهاً
يقلب بين يديه شيكاً بمبلغ نصف مليون دولار
عليه توقيع ( جون دي روكفلر )
ملاحظة: روكفلر هو اسم رجل أعمال أمريكي كان أكثر رجال العالم ثراء
فترة 1839م – 1937م.جمع ثروته من عمله في مجال البترول،
وفي وقت لاحق أصبح من المشهورين.
أنفق روكفلر خلال حياته مبلغ 550 مليون دولار أمريكي
تقريبًا في مشروعات خيرية.
أفاق الرجل من ذهوله وقال بحماسة :
الآن أستطيع أن أمحو بهذه النقود كل ما يقلقني ،
ثم فكر لوهلة وقرر أن يسعى لحفظ شركته من الإفلاس
دون أن يلجأ لصرف الشيك

الذي أتخذه مصدر أمان وقوة له.
وانطلق بتفاؤل نحو شركته وبدأ أعماله ودخل بمفاوضات
ناجحة مع الدائنين لتأجيل تاريخ الدفع .
واستطاع تحقيق عمليات بيع كبيرة لصالح شركته.
وخلال بضعة شهور استطاع أن يسد ديونه.
وبدأ يربح من جديد.

وبعد انتهاء السنة المحددة من قبل ذلك العجوز،
ذهب الرجل إلى الحديقة متحمساً فوجد ذلك الرجل العجوز
بانتظاره على نفس الكرسي،
فلم يستطيع أن يتمالك نفسه فأعطاه الشيك الذي لم يصرفه،
وبدأ يقص عليه قصة النجاحات التي حققها
دون أن يصرف الشيك.

وفجأة قاطعته ممرضة مسرعة باتجاه العجوز قائلة :
الحمدلله أني وجدتك هنا، فأخذته من يده،
وقالت لرجل الأعمال :
أرجو ألا يكون قد أزعجك،
فهو دائم الهروب من مستشفى المجانين المجاور لهذه الحديقة،
ويدّعي للناس بأنه ” جون دي روكفلر “.
وقف رجل الأعمال تغمره الدهشة ويفكر في تلك السنة
الكاملة التي مرت وهو ينتزع شركته من خطر الإفلاس
ويعقد صفقات البيع والشراء ويفاوض بقوة لاقتناعه
بأن هناك نصف مليون دولار خلفة !

حينها أدرك أنّ النقود لم تكن هي التي غيَّرت حياته وأنقذت شركته،بل الذي غيرها هو اكتشافه الجديد المتمثل في الثقة بأنه يمكنه تخطى ذلك..
هم يسمونها الثقة بالنفس ونحن كمسلمين نطلق عليها ” الثقة بالله ”
نعم الثقة فى الله هى التى تمنحك قوة تجعلك تتخطى أخطر فشل وتحقق اعظم نجاح وهى بالضبط ما نحتاجه
فقط افعل ما تستطيع واعلم أن قانون الله فى أرضه ” إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

يا له من إدراك عميق! بالفعل، غالبًا ما نختزل أسباب النجاح والتغيير في عوامل مادية بحتة، متجاهلين القوة الكامنة في دواخلنا وفي يقيننا. إن اكتشاف هذا الشخص لقدرته على تجاوز الصعاب، هذا الإيمان العميق بذاته، هو جوهر التحول الحقيقي.
وما أروع الربط بين هذا المفهوم النفسي وبين “الثقة بالله” في ثقافتنا الإسلامية. إنها ليست مجرد ثقة عابرة، بل هي استناد القلب على قوة لا تزول، على معين لا ينضب. حين يثق المسلم بالله حق الثقة، فإنه يستمد منه السكينة والعزيمة والإصرار على مواجهة
التحديات.

الثقة بالنفس: بذرة التغيير والانطلاق
لا يمكن إنكار أهمية الثقة بالنفس كحجر الزاوية في تحقيق الأهداف وتجاوز العقبات. هي الشعور الداخلي بالكفاءة والقدرة على التعامل مع مختلف المواقف. هذه الثقة تمنح الفرد الشجاعة للمبادرة، وعدم الاستسلام للإخفاقات، والنظر إلى التحديات كفرص للنمو والتطور. إنها الوقود الذي يدفعنا نحو الأمام حتى في أحلك الظروف.

الثقة بالله: العمق الروحي واليقين الراسخ
أما “الثقة بالله” فهي أعمق وأشمل. إنها تتجاوز مجرد الإيمان بالقدرات الذاتية لتصل إلى يقين راسخ بأن الله عز وجل هو المدبر والمعين، وأن كل ما يحدث هو بقضائه وقدره، وأن الخير كامن حتى في أصعب المحن. هذه الثقة تمنح القلب طمأنينة لا تزلزلها نوائب الدهر، وتزرع فيه الصبر والاحتساب عند البلاء، والشكر والاعتراف بالفضل عند النعماء.

التكامل بين الثقة بالنفس والثقة بالله
لا يوجد تعارض حقيقي بين الثقة بالنفس والثقة بالله، بل هما وجهان لعملة واحدة. فالمسلم الحق يعلم أن ما لديه من قدرات ومهارات هو فضل من الله ونعمة تستوجب الشكر والاستثمار. وثقته بنفسه تنبع من إيمانه بأن الله خلقه في أحسن تقويم، وأودع فيه من الطاقات ما يمكنه من تحقيق الخير لنفسه ولمجتمعه.
في المقابل، فإن الثقة بالله تضبط مسار الثقة بالنفس فلا تتحول إلى غرور أو استعلاء. إنها تذكر الإنسان بضعفه أمام عظمة الخالق، وبأنه مهما بلغ من قوة أو نجاح، فإنه مفتقر إلى عون الله وتوفيقه.
قصص واقعية تجسد المعنى

كم من قصص النجاح الملهمة بدأت بشرارة من الثقة بالنفس، ثم تعززت وتكللت بالثقة بالله! أشخاص واجهوا صعابًا جمة، وخسائر فادحة، ولكن إيمانهم بقدرتهم على التغيير، واستنادهم على قوة إيمانهم بالله، مكنهم من النهوض من جديد وتحقيق ما ظنوه مستحيلاً.
إن قصة هذا الشخص الذي أدرك أن جوهر التغيير لم يكن المال بل الثقة، لهي شهادة حية على هذه الحقيقة. لقد اكتشف قوة داخلية عظيمة، ربما كانت كامنة تنتظر لحظة إدراك ويقين. وهذا الإدراك هو مفتاح الانطلاق نحو غد أفضل.
دعوة للتأمل والعمل
فلنتأمل جميعًا في هذه الحقيقة العميقة. لنجعل ثقتنا بأنفسنا منطلقًا للعمل والإنجاز، ولنعززها بالثقة بالله عز وجل، فهو نعم المولى ونعم النصير. حينها، سنكتشف أن التغيير الحقيقي ينبع من الداخل، وأن قوة الإيمان واليقين هي أعظم سند في مواجهة تحديات الحياة وتحقيق النجاح والرضا. يستطيع

قد يعجبك ايضا
تعليقات