القاهرية
العالم بين يديك

ترامب يعود إلى القنوات: “بنما والسويس.. ملكي!”

21

د. عيد علي

في محاولة جديدة لإثبات أن العالم بأسره في جيبه الخلفي صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطه السياسية مطالبًا بحرية مطلقة لمرور السفن الأمريكية عبر قناتي بنما والسويس وكأنه يحاول حجز طاولة دائمة في مطعم عالمي دون حجز أو دفع حساب.

ترامب الذي لا يكلّ ولا يملّ من إعادة كتابة التاريخ على طريقته الخاصة أعلن عبر منصته المفضلة “تروث سوشيال” أن القناتين لولا الولايات المتحدة لما وُجدتا أصلًا. وبناءً على هذا المنطق “الترامبي” يجب أن تمر السفن الأمريكية مجانًا دون أن يسألها أحد: من أين أتت وإلى أين تمضي.

ترامب إلى بنما: “أعيدوا القناة.. ليست لعبة أطفال!”

لطالما نظر ترامب إلى قناة بنما وكأنها لعبة كان قد نسيها في بيت الجيران. فمنذ أن انتقلت القناة رسميًا إلى السيادة البنمية عام 1999 لم يتوقف ترامب عن التلويح باستعادتها تارة بالود وغالبًا عبر التهديد بـ”القوة الاقتصادية أو أي وسيلة متاحة”.

يقول ترامب: “لا يُعقل أن تمر عبر القناة 40% من شحناتنا دون أن يكون لنا فيها ‘رخصة مرور مفتوحة’!”
أما بنما فقد اكتفت بالرد بابتسامة دبلوماسية عريضة وهمست للعالم: “حلم الجائع.. خبز!”

قناة السويس: “مرحبًا بالسفن.. ولكن بشروط!”

بعد أن ملّ ترامب من الحديث عن بنما انتقلت أنظاره الطامحة إلى قناة السويس ذلك الشريان البحري الذي يربط بين البحرين المتوسط والأحمر. وقد قرر أن الولايات المتحدة كان لها “دور تاريخي” في إنشاء القناة (رغم أن فرديناند ديلسيبس الفرنسي لا يزال يعبّر عن دهشته في قبره من هذا الادعاء) وعليه رأى ترامب أن السفن الأمريكية يجب أن تعبر دون تفتيش أو دفع رسوم.

وفي الوقت الذي تحاول فيه مصر التعامل مع تحديات كبرى مثل تراجع حركة التجارة العالمية وهجمات الحوثيين خرج ترامب بمطلبه الجديد وكأنه يطلب “كوب شاي على ضفاف القناة مع شيشة بنكهة التفاح .”

الدبلوماسية على طريقة ترامب

تحذّر مصادر دبلوماسية من أن مطالب ترامب قد تدفع الولايات المتحدة إلى أزمة دبلوماسية مع كلٍّ من بنما ومصر. ولكن ترامب كعادته يتعامل مع السياسة وكأنها حلقة جديدة من برنامج مسابقات:
“افتح القناة… تربح علبة فشار وابتسامة ذهبية من ترامب!”

لمن تدق طبول المعركة؟

السؤال الذي يحير العالم اليوم: هل ينوي ترامب حقًا رفع العلم الأمريكي فوق قناتي بنما والسويس وهو يصرخ: “هؤلاء ملكي!”؟
أم أن الأمر برمته لا يعدو كونه فرقعة إعلامية استعدادًا لجولة انتخابية جديدة؟

في كل الأحوال تراجع بنما أوراقها وتعيد مصر رسم خرائطها بينما العالم يُحضّر علب الفشار لمتابعة الفصل الجديد من مسلسل “ترامب والقنوات: الموسم المفتوح”.

ترامب لا يرى حدودًا… بل طرقًا سريعة!

في عالم ترامب كل ما تلامسه الراية الأمريكية يتحول تلقائيًا إلى “ممتلكات شخصية” سواء كان قناة مائية صحراء قاحلة أو قمرًا صناعيًا تائهًا في الفضاء.
الشعار ثابت لا يتغير: “ترامب كان هنا… إذاً هو لي!”

وصف محللون سياسيون مطالب ترامب بأنها مزيج غريب من فيلم أكشن رخيص وحلم يقظة لرجل يعشق لعب دور البطل. بينما علّق أحد الدبلوماسيين ساخرًا:
“ننتظر بفارغ الصبر أن يطالب ترامب بملكية كوكب المريخ أيضًا بحجة أن أول علم أمريكي وُضع هناك.”

“ترامب والقنوات: إلى أين؟”

في الكواليس تتردد همسات بأن هذه التصريحات قد لا تعدو كونها “بالونة اختبار” لجس نبض العالم قبل خوضه معركة انتخابية جديدة.
يرى البعض أنها محاولة لصرف الانتباه عن أزمات داخلية متفاقمة بينما يؤمن فريق آخر بأن ترامب يسعى لتأسيس مذهب سياسي خاص به قد يُطلق عليه:
“الدبلوماسية عبر الصدمة والابتسامة الواسعة.”

وبين الجد والهزل يبقى السؤال معلقًا:
هل ستتحول قناتا بنما والسويس إلى ساحة معركة جديدة في صراع النفوذ الدولي؟
أم أن ترامب ببساطة يواصل كتابة فصول روايته الخاصة بعنوان:
“كيف تربح العالم… دون أن تدفع الحساب؟”

قد يعجبك ايضا
تعليقات