شم النسيم عيد المصريين
بقلم : ياسمين أحمد
يأتى شم النسيم كل عام كواحد من أقدم وأعرق الأعياد التي يحتفل بها الشعب المصري حاملًا معه نسائم الربيع ، إنه عيد يجمع بين الطبيعة والإحتفال ، وبين الجذور الفرعونية والتقاليد الشعبية ليكون يومًا مميزًا في مصر .
يرجع أصل شم النسيم إلى مصر الفرعونية حيث كان يحتفل به المصريون القدماء تحت اسم “عيد شمو” ، أي عيد البعث وتجدد الحياة في وقت يتزامن مع إعتدال الربيع وتفتح الأزهار ، وكان هذا العيد يعبر عن بداية الحياة الجديدة بعد برد الشتاء ويمثل لدى الفراعنة رمزًا للخلق والنماء ، وقد استمر المصريون في الإحتفال به عبر العصور رغم اختلاف الأديان والثقافات ما يؤكد على طابعه الوطني والإنساني .
و يُحتفل بشم النسيم في يوم الإثنين التالي لعيد الفصح المسيحي مما يمنحه طابعًا خاصًا يجمع بين التقاليد الدينية والتقاليد الشعبية ، ويحرص الملايين من المصريين في هذا اليوم على الخروج إلى الحدائق والمنتزهات والجلوس بجوار النيل والتمتع بجمال الطبيعة .
ويرتبط شم النسيم بعدد من الطقوس المميزة والعادات التي لا تزال حاضرة بقوة في كل بيت مصري من أشهرها:
– تناول الفسيخ والرنجة : وهي أسماك مملحة كانت تُحضر منذ عهد الفراعنة بطرق خاصة ، ويُعتقد أنها ترمز إلى الخصوبة والوفرة .
– البيض الملون : الذي يرمز إلى الحياة الجديدة وكان يُلون بالألوان الطبيعية المستخرجة من النباتات .
– البصل الأخضر والخس : وهما رمزان قديمان لطرد الأرواح الشريرة وجلب الصحة .
شم النسيم لا يُعتبر فقط عطلة رسمية أو مناسبة لتناول الأطعمة التقليدية بل هو تعبير عن ارتباط المصريين بالطبيعة وعن تقديرهم لقيمة الحياة والبدايات الجديدة حيث إنه عيد تتجلى فيه الوحدة الوطنية إذ يحتفل به المصريون جميعًا دون تفرقة في مشهد فريد يعكس تناغم النسيج المجتمعي المصري .
أما عن شم النسيم في زمننا الحديث :
برغم تطور الحياة وتغير أساليب المعيشة لا يزال شم النسيم محتفظًا بمكانته في قلوب الناس ، ومع ظهور وسائل ترفيه جديدة إلا أن الإحتفال به في الحدائق وتجمع العائلات ومشاركة الوجبات المميزة طقوساً لا غنى عنها .
فيعتبر شم النسيم مناسبة مفعمة بالحياة تعبّر عن روح مصر الحقيقية ، وهو عيد يحتفي بالجمال والطبيعة والتجدد ،، والإنسان بقدر ما هو مرتبط بالماضي فإنه يظل أيضاً حاضرًا بقوة في وجدان الحاضر وينتقل جيلًا بعد جيل متمسكاً بهوية هذا الشعب العظيم .
