بقلم د . هاني المصري
شهدت العلاقات العسكرية بين مصر والصين تطورًا ملحوظًا، تُوِّج بإجراء أول تدريب جوي مشترك بين البلدين تحت اسم “نسر الحضارة 2025″، الذي انطلق في منتصف أبريل ويستمر حتى أوائل مايو 2025. ويُعد هذا الحدث غير عابر، إذ يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في توجهات القاهرة نحو تنويع شراكاتها الدفاعية وتحديث قدراتها الجوية.
تفاصيل التدريب : رمزية الاسم وقوة الرسالة
اختيار اسم “نسر الحضارة” للتدريب يحمل دلالات رمزية عميقة، إذ يجمع بين رمزي النسر الذي يمثل القوة الجوية المصرية، والحضارة التي تشير إلى عمق التاريخ الصيني. ويهدف التدريب إلى تعزيز التعاون بين القوات الجوية للبلدين، من خلال تنفيذ طلعات جوية مشتركة وتبادل الخبرات في مجالات القتال الجوي والتكتيكات الحديثة. وقد رُصد هبوط خمس طائرات نقل عسكرية صينية من طراز Xian Y-20 في إحدى القواعد الجوية المصرية الرئيسية، ما يعكس جدية التعاون وتطوره.
أهمية التوقيت: قراءة في السياق الجيوسياسي
يأتي هذا التدريب في ظل تحولات جيوسياسية إقليمية وعالمية، حيث تسعى مصر إلى تنويع مصادر تسليحها بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الدول الغربية، خاصة في ضوء التحديات التي تواجهها في تحديث أسطولها من طائرات F-16 الأمريكية. وقد أبدت مصر اهتمامًا بالحصول على مقاتلات صينية متقدمة مثل J-10C وJ-20، ما يعكس رغبتها في تعزيز قدراتها الدفاعية وتوسيع شراكاتها الاستراتيجية.
التعاون العسكري المصري–الصيني: من التصنيع إلى التدريب
العلاقات العسكرية بين مصر والصين ليست وليدة اللحظة، بل تمتد إلى سنوات من التعاون المثمر، شملت التصنيع المشترك لطائرات التدريب المتقدم من طراز K-8E، وتبادل الزيارات العسكرية رفيعة المستوى، ومناقشة نقل التكنولوجيا واقتناء أنظمة رادار متقدمة. وقد شهدت الفترة الأخيرة زيارة قائد القوات الجوية المصرية إلى الصين، حيث التقى بنظيره الصيني وبحثا سبل تعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
تداعيات إقليمية ودولية: رسائل متعددة الاتجاهات
يحمل التدريب المشترك “نسر الحضارة 2025” رسائل متعددة، فهو يعكس رغبة مصر في تعزيز قدراتها الدفاعية وتأكيد استقلالية قرارها العسكري، كما يبعث برسالة إلى القوى الإقليمية والدولية بأن القاهرة تسعى إلى تنويع شراكاتها الاستراتيجية بما يخدم مصالحها الوطنية. كما يُظهر التدريب استعداد الصين لتعزيز تعاونها العسكري مع دول المنطقة، ما قد يُحدث توازنًا جديدًا في المعادلات الإقليمية.
ختامًا: نحو شراكة استراتيجية شاملة
يمثل التدريب الجوي المشترك بين مصر والصين خطوة مهمة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، ويعكس تطورًا في العلاقات العسكرية يُضاف إلى التعاون الاقتصادي والثقافي القائم بينهما. ومن المتوقع أن يشهد المستقبل مزيدًا من التعاون في مجالات الدفاع والتكنولوجيا، بما يُعزز من مكانة مصر الإقليمية والدولية.
