القاهرية
العالم بين يديك

الفرصة لا تأتي جاهزة.. لكنها تُصنع

85

بقلم: د/ بسمة خالد

يعتقد البعض أن النجاح حكر على المحظوظين، أولئك الذين وُلدوا في بيئات ميسّرة، أو جاءت الحياة إليهم بالفرص على طبق من ذهب. لكن الحقيقة التي يغفلها كثيرون هي أن النجاح لا يُهدى، وإنما يُنتزع. لا يتحقق النجاح عن طريق المصادفة، ولا يُصنع بالحظ وحده، فهو ثمرة اجتهاد، وإصرار، واستمرارية لا تلين أمام الصعوبات.

قد يبدو الناجح في لحظة تألقه وكأنه وصل فجأة، لكن خلف تلك اللحظة يقف تاريخ طويل من الجهد الصامت، من القرارات الصعبة، ومن التجارب التي صقلته ووضعته في مكانه اليوم. النجاح مسار لا يُبنى في يوم وليلة، إنما هو حصيلة عمل يومي، وخطوات صغيرة متراكمة، وانضباط نفسي يرفض الاستسلام.

الحظ قد يلعب دورًا في لحظة ما، غير أن ما يصنع الفارق الحقيقي هو ما يفعله الإنسان بهذه اللحظة. فكم من محظوظ لم يستثمر فرصته، وكم من شخص عادي خلق من ظروفه القاسية فرصة للنجاح. الفرق هنا يكمن في الاستعداد، في العقلية التي ترى في الصعوبات فرصًا، وفي الفشل درسًا، وفي التعب طريقًا ضروريًا نحو القمة.

النجاح لا يحتاج فقط إلى مهارات، إنما يحتاج إلى رؤية واضحة، وقدرة على المثابرة، وإيمان راسخ بالذات. الناجح هو من يواصل التقدّم رغم الشكوك، ومن يعيد المحاولة بعد الإخفاق، ومن لا يتوقف حتى في اللحظات التي يخيّم فيها الصمت ويغيب فيها التصفيق.

في الوقت الذي ينشغل فيه البعض بتفسير نجاح الآخرين على أنه “ضربة حظ”، هناك من يعمل في صمت، يبني خطواته بهدوء، ويتقدّم بثبات نحو أهدافه. هؤلاء هم الذين لا ينتظرون الظروف المثالية، وإنما يصنعون من الواقع المعقّد فرصة للتميّز.

ولعلّ ما يجب أن نؤمن به حقًا هو أن النجاح ليس حكرًا على فئة دون غيرها، وإنما هو متاح لكل من يمتلك الإرادة، ويملك الشجاعة ليحلم، والقدرة على تحويل الحلم إلى خطة، والخطة إلى فعل. الطريق قد يكون طويلاً، مليئًا بالمنعطفات، ومع ذلك، فإن كل خطوة فيه تُقرّبنا أكثر من الهدف.

في النهاية، دعونا لا ننخدع ببريق اللحظة الأخيرة، وعلينا أن نُدرك أن خلف كل إنجاز عظيم قصة كفاح، وجهد متواصل، وقرارات شجاعة اتُّخذت في أوقات لم يكن فيها النجاح مضمونًا. ودعونا لا نُسرف في الحديث عن الحظ، وإنما نُركز على ما بأيدينا: العمل، التعلّم، والتقدّم بخطى واثقة نحو ما نطمح إليه.

قد يعجبك ايضا
تعليقات