القاهرية
العالم بين يديك

الصدق والاحترام: أساس العلاقات السليمة

6

رشا مصطفى شاهين

أي علاقة صحية، سواء كانت صداقة، حبًا، أو حتى زمالة عمل، تحتاج إلى مساحة حقيقية لتقبل النقد.

تقبل النقد ليس ضعفًا، ولا يعني أنك موافق على كل شيء، بل يعني أنك ناضج بما يكفي لتسمع رأي الآخر حتى وإن كان مخالفًا، وتفكر فيه دون أن تحوله إلى هجوم شخصي.

من لا يستطيع تقبل النقد سيظل طوال الوقت يظن أنه على صواب، وهذه هي الخطوة الأولى نحو انهيار أي علاقة.

يجب أن نفرق بين “النقد البناء” و”التحقير”:

النقد البناء هدفه الإصلاح، ويكون بلطف واهتمام.

التحقير هدفه الكسر، ويكون مليئًا بالهجوم والسخرية.

وبنفس القدر، يجب أن نفرق بين “النقاش” و”الجدال”:

النقاش يبني العلاقة، لأن كل طرف يسمع الآخر ويفكر.

الجدال يهدم العلاقة، لأن كل طرف يحاول أن يغلب الآخر.

في النهاية، العلاقات لا تحتاج إلى المجاملة على حساب النفس، بل تحتاج إلى الصدق والاحترام، ومساحة للنقد والنقاش.

في العلاقات، هناك شيء يسمى “الرصيد”، وهذا ليس مجرد كلمة، بل هو ميزان يتحدد بناءً على أفعالك وتصرفاتك، وليس بناءً على عدد الكلمات الجميلة التي تقولها. الرصيد لا يُبنى في يوم، ولكنه قد ينفد في لحظة إذا زاد الاستهتار.

عندما تكرر نفس الأسلوب رغم العتاب، رصيدك يقل.
عندما تترك شخصًا غاضبًا وتتصرف كما لو كنت تربّيه، رصيدك يقل.
عندما تتغير فجأة دون سبب واضح، رصيدك يقل.
عندما يظل العتاب حول نفس القضية ملايين المرات دون تغيير، رصيدك يقل.
عندما تتعامل مع الناس وفقًا لمزاجك وتأخذهم حسب رغبتك، رصيدك يقل.
عندما يكون كلامك الجميل مجرد كلمات تتناقض مع أفعالك، رصيدك يقل.
عندما تكون الحقيقة واضحة أمامك وأنت مُصرّ على الكذب، رصيدك يقل.

العلاقات ليست قائمة على مبدأ “خد وهات” فقط، بل على مبدأ التقدير والاحترام. ابنِ رصيدًا يسمح لك بالبقاء، لأنه عندما ينفد الرصيد، لن يحاول أحد إعادة شحنه.

وكلما كان الشخص عزيزًا عليّ، كبرت المسألة. قد يفعل شخص شيء كبير، لكنني لا أعاتبه، لماذا؟ لأنه لا يهمني. وفي المقابل، قد يفعل شخص شيئًا صغيرًا، ولكنني أعاتبه، لماذا؟ لأنه يعني لي الكثير.

قد يعجبك ايضا
تعليقات