تقرير ريناد حسام
برلين – في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الأطراف المُشكّلة للائتلاف الحاكم الجديد في ألمانيا،عن اتفاق شامل لإعادة تشكيل سياسة البلاد تجاه الهجرة واللجوء. القرار، الذي وصف بأنه الأشد منذ أزمة اللاجئين عام 2015، يتضمن حزمة إجراءات من أبرزها رفض طلبات اللجوء على الحدود، السماح بالترحيل إلى سوريا، وتعليق لمّ شمل العائلات.
وجاء هذا التحول بعد مفاوضات دامت ستة أسابيع أعقبت الانتخابات البرلمانية المبكرة، وانتهت بتشكيل ائتلاف حكومي بين الاتحاد المسيحي – المكوَّن من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري – والحزب الاشتراكي الديمقراطي، بقيادة المستشار المرتقب فريدريش ميرتس.
إلغاء التسهيلات السابقة… وعودة للقيود المشددة
أبرز ملامح السياسة الجديدة تمثلت في إلغاء قانون التجنيس السريع الذي أقره الائتلاف السابق بقيادة أولاف شولتس، والذي كان يسمح بمنح الجنسية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة والاندماج. وبدلاً من ذلك، أعاد الائتلاف الجديد فترة الانتظار إلى خمس سنوات، مع الإبقاء على ازدواج الجنسية كخيار متاح.
كما نص الاتفاق الحكومي على تعليق لمّ شمل العائلات لمدة عامين للأشخاص الحاصلين على “الحماية الفرعية”، في خطوة اعتبرتها منظمات حقوقية انتكاسة لحقوق اللاجئين. وتم الإعلان عن إلغاء برامج القبول الاتحادية كافة، مع تأكيد عدم نية إطلاق أي برامج جديدة مستقبلاً.
إجراءات على الحدود وترحيل إلى مناطق النزاع
الاتفاق الجديد شدّد على رفض طلبات اللجوء المقدّمة على الحدود البرية، في تنسيق مباشر مع دول الاتحاد الأوروبي المجاورة، وذلك بهدف تقليص أعداد الوافدين من البداية. والأكثر إثارة للجدل كان إعلان نية الحكومة استئناف الترحيل إلى سوريا وأفغانستان، بدءًا بمن تُصنّفهم السلطات على أنهم مجرمون أو يشكلون تهديدًا أمنيًا.
ردود فعل وانقسامات
التحركات الجديدة أثارت موجة من ردود الفعل المتباينة داخل ألمانيا وخارجها. فقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان هذه السياسات بوصفها تراجُعًا عن التزامات إنسانية أساسية، بينما رأى مؤيدو القرار أنه إجراء ضروري لضبط الحدود وإنهاء الفوضى في نظام اللجوء.
ومع تصاعد النقاش حول جدوى وشرعية هذه الإجراءات، يُتوقع أن تشهد ألمانيا خلال الفترة المقبلة صدامًا حادًا بين القوى المدافعة عن الحقوق الإنسانية وتلك التي تدعو إلى تشديد الرقابة على الهجرة.
ألمانيا تدخل فصلًا جديدًا في ملف الهجرة، فصلٌ قد يحمل معه تبعات سياسية واجتماعية وإنسانية عميقة، داخل البلاد وخارجها. فهل سيؤدي هذا التحول إلى ضبط الحدود فقط، أم إلى إعادة تشكيل هوية ألمانيا كوجهة للمهاجرين واللاجئين؟
