بقلم: أحمد خالد
في خضم ما نعيشه من تقلبات الحياة وسرعة الأحداث وتبدل الأحوال، تبقى الثقة بالله والرجاء فيه من أعظم أسباب الطمأنينة وراحة القلب. ومن بين الأحاديث النبوية التي تلهم النفس وتنعش الروح، يأتينا قول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: “أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء.”، وفي رواية: “إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله.”
إنها دعوة إلهية صريحة لأن نحسن الظن بالله، وأن نُقبل عليه بقلوب يقينية، تعلم أن وراء كل تأخير حكمة، وخلف كل منع عطاء. فمن ظن أن الله سيرزقه، رزقه. ومن ظن أنه سيفرج كربه، فرّج عنه. ومن ظن أن له ربًا رحيمًا غفورًا، وجد رحمته ومغفرته أوسع مما يتخيل.
ولعل من أشد ما نحتاج إليه اليوم، وسط الخوف من المستقبل، والقلق من الفقد، والحيرة من الغد، أن نغرس في قلوبنا وعقولنا حسن الظن بالله. ليس مجرد تفاؤل أجوف، بل يقين راسخ بأن الله أرحم بنا من أنفسنا، وأن تدبيره خير من تخطيطنا، وأن رحمته تسبق غضبه.
حين نحسن الظن بالله، فإننا نُبحر في نهر من الأمل، لا تجرفنا الأمواج، ولا تكسرنا العواصف. نبتسم رغم الألم، ونحمد رغم البلاء، ونتوكل رغم الغموض. فكم من محنة انقلبت إلى منحة، وكم من ضيق فتح لنا أبوابًا لم نتخيلها.
إن حسن الظن بالله ليس هروبًا من الواقع، بل هو أعظم سلاح لمواجهته. هو الذي يجعل المؤمن يرى النور في عتمة الطريق، ويسمع صوت الأمل وسط ضجيج اليأس. وقد قال ابن القيم رحمه الله: “إن العبد إذا اعتمد على الله، ووثق به، وأحسن الظن به، فالله لا يخيّب رجاءه أبدًا.”
فلنعد ترتيب قلوبنا، ولنطرد منها وساوس الشك والقلق، ولنجعل من هذا الحديث نبراسًا لنا في كل خطوة: “أنا عند حسن ظن عبدي بي.” فكيف نظن بالله اليوم
