ما يحدث اليوم في رفح ليس مجرد تصعيد عسكري بل هو امتداد لمأساة تاريخية نعيشها بمرارة ففي الوقت الذي تُقصف فيه رفح يحاول العدو الإسرائيلي فرض واقع جديد على الأرض والمجتمع العربي ما زال يقاوم يتظاهر ويحتج ولكن هل يكفي الصراخ دون فعل؟ المجتمع الدولي يشاهد بصمت ويكتفي بالكلمات التي لا تثمر عن شيء.
التاريخ يعيد نفسه لكن بشكل أكثر قسوة.
كما سقطت بغداد في غفلة عندما تغافل الحكام عن واجبهم تسقط اليوم غزة ورفح في غفلة مماثلة. هل سيكون مصيرنا كالعراق؟ هل سيكون مصيرنا هو ذات الخذلان والتخاذل؟ أم أننا سنستيقظ في اللحظة الحاسمة لنصنع تاريخًا جديدًا؟
في معركة عين جالوت لم ينتصر المسلمون بفضل قوتهم العددية بل بفضل إيمانهم ووحدتهم تحت قيادة حكيمة وراسخة. انتصر قطز عندما صرخ “وا إسلاماه” وأعطى للأمة درسًا في الشجاعة والإيمان. قال الله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” (الأنفال: 60).
التاريخ لا يُعيد نفسه بنفس التفاصيل بل يُعيد نفسه بنفس المبادئ: الإيمان، الوحدة، الشجاعة.
السؤال اليوم هو: أين قطز الآن؟
أين القائد الذي يمكنه أن يستنهض الأمة ويقودها للنهوض من سباتها؟ نحن بحاجة إلى قيادة شجاعة تُعيد لنا كرامتنا المفقودة وتجمع شملنا لمواجهة العدو الذي يراهن على ضعفنا وتفرقنا. الشعوب العربية اليوم على حافة الهاوية والتحدي أصبح أكبر من أي وقت مضى.
ما يحدث في رفح اليوم ليس تصعيدًا عابرًا بل هو إشارة خطر تدق أبواب الأمة. إسرائيل اليوم في قلب مشروعها التوسعي ولن تتوقف إلا إذا وجدنا الرد المناسب. الوحدة هي قوتنا الحقيقية وإذا توحدنا في القرار سنصمد أمام أي تهديد.
ومصر اليوم لن تظل صامتة بعد الآن.
مصر التي كانت دومًا الحصن المنيع في مواجهة العدوان لن تقف متفرجة أمام الدماء التي تُراق على حدودها. لن تمر هذه الدماء مرور الكرام. مصر ستظل دائمًا ترفع راية الدفاع عن الأرض والشعب ولن تقبل الخذلان أو السكوت.
رفح اليوم تنادي وفلسطين تستغيث… فهل من مجيب؟
اليوم هو ليس وقت المظاهرات التي لا تغير شيئًا ولا وقت للانتظار. اليوم هو وقت الرد القوي هو وقت الوحدة التي لا رجعة فيها ووقت التصميم على استعادة الحقوق. هل نعيد صيحة “وا إسلاماه”؟ هل نثبت للعالم أن العرب لا زالوا قادرين على الوقوف في وجه هذا الزحف الإسرائيلي؟
التاريخ لا يرحم والأمة التي تصمت على الإبادة ستغرق في ذلها.
“لو أخذت الأمة بيد قائد رشيد لن تبقى فلسطين وحدها في مواجهة محتلها بل ستظل الأمة بأكملها في حالة استعداد وجهاد” كما قال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. لا مجال اليوم للتأجيل أو التردد إما أن نتحرك الآن أو سنندم في المستقبل.
مصر عندما تتكلم يسمع الجميع. وعندما تغضب يهتز العالم بأسره.
كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: “الجيش الذي فعلها من قبل قادر على فعلها مرات ومرات”.
الجيش المصري جاهز للرد وقد تم تجهيزه للردع ولن يقبل التهجير لا من القيادة ولا من الشعب.
إنها لحظة الحقيقة يا أمة العرب هل من مجيب؟
