بقلم: عمر ماهر – كاتب صحفي وناقد فني
ماذا لو كان الحب مرضًا؟ وماذا لو صار الهوس هو القاتل الحقيقي؟
في تجربة درامية لا تُشبه شيئًا مما عُرض من قبل، يأتي مسلسل “مهووس” ليقودنا في رحلة إلى أعمق زوايا النفس البشرية، حيث تختلط المشاعر بالجنون، وتتحول الذاكرة إلى سلاح قاتل.
يعقوب الفرحان وهيا عبدالسلام يجتمعان لأول مرة في مواجهة درامية محتدمة، داخل عمل نفسي كثيف، لا يُقدّم الرعب كمجرد صراخ وأشباح، بل كحالة عقلية تتفجر من الداخل… كحبٍ لم يجد مخرجًا إلا بالانتقام.
امرأة على حافة الانهيار… ورجل يطارد ظله!
في قلب الحكاية، امرأة محطمة تُطاردها خيانة قديمة. لا تبحث عن العدالة، بل عن تدمير كل شيء، بما في ذلك ذاتها. هيا عبدالسلام تقدّم شخصية مفعمة بالتناقضات، تذوب تدريجيًا في دورها حتى تكاد تختفي، وتترك للمشاهد شخصية مُظلمة، مجروحة، ومرعبة.
يقابلها يعقوب الفرحان في دور رجل ظنّ أنه الأقوى، قبل أن يجد نفسه في لعبة نفسية قاتلة، حيث لا يستطيع أن يثق حتى بنفسه. مزيج من الذكاء، الحذر، والخوف المتصاعد.
سعيد الماروق يحوّل الكاميرا إلى أداة تعذيب نفسي
العبقرية الإخراجية لـ سعيد الماروق لا تأتي فقط من زوايا التصوير أو الإضاءة الذكية، بل من إحساسه العميق بالشخصيات. يقدّم كل مشهد كما لو كان كابوسًا متحركًا، يجعلنا نحس بالضغط، التوتر، وحتى الانفجار النفسي داخل عقول الأبطال.
الصمت في “مهووس” أعلى من الصراخ، والظلال تحكي أكثر من الحوارات، وكل تفصيل بصري هو بمثابة تلميح لجريمة نفسية قيد التشكّل.
4 حلقات فقط… لكن كل حلقة فيلم رعب منفصل
المسلسل مكوّن من أربع حلقات، كل منها بمثابة لغز بصري ونفسي، يُصعّد التوتر تدريجيًا حتى النهاية. ووفقًا لما كشفه المنتج الشريك في منصة “شاشا”، فإن التصوير تم باستخدام أحدث التقنيات السينمائية، مع فريق تقني من هوليوود، ليقدّم أول عمل خليجي بمواصفات رعب نفسي عالمية.
الرعب في الداخل… وليس في الخارج
“مهووس” لا يرعبك لأنه يُريك الأشباح، بل لأنه يدخلك في عقل الشخصيات. يرغمك على مواجهة الهوس، الغيرة، الكراهية، والخيانة كما لو كانت داخل رأسك أنت.
وفي زمن تكررت فيه القصص وتوقّعنا فيه كل شيء، يأتي “مهووس” ليُعيد رسم حدود ما يمكن أن تفعله الدراما النفسية في العالم العربي.
فهل نحن أمام عمل سيُعيد تشكيل قواعد اللعبة؟
وهل ينجح هذا الثلاثي: الفرحان – هيا – الماروق في تقديم عمل يُذكر لسنوات قادمة؟
“مهووس” لا يسأل: من القاتل؟
بل يسأل: من الذي لم يجن بعد؟
