القاهرية
العالم بين يديك

مملكة السرسجية المتحدة!

18

د _ عيد علي
في زمنٍ أصبح فيه “الترزي” رجل أعمال و”الحاتي” مستثمرًا عالميًا و”البلطجي” نجم مجتمع وانتشار الألقاب من دكتور ومستشار وسفير وصحفي وإعلامي صار من الطبيعي أن ترى مواكب سيارات تساوي ميزانية دولة صغيرة يتقدمها موتوسيكل حراسة وكأننا في فيلم أكشن من إنتاج هوليوود، لكن للأسف نحن في “الشيخ زايد”.

لماذا تحتاج إلى بودي جارد؟
سؤال بسيط لكنه يحمل في طياته أسرارًا عظيمة! لماذا يتحرك البعض وسط جيش من الحراس وكأنهم مستهدفون من وكالة استخبارات دولية؟ هل أنت عميل مزدوج؟ هل تحمل أسرارًا نووية؟ أم أنك فقط تخشى أن يسألك أحدهم: “إنت بتشتغل إيه؟”

في عصر السرعة لم يعد النجاح بحاجة إلى شهادات أو خبرات يكفي أن تبدأ اليوم ببيع الكبدة لتجد نفسك غدًا تملك شركات عقارية وشركات طيران وربما تصبح راعيًا رسميًا لكأس العالم القادم! كيف؟ لا تسأل، فقط “عش اللحظة”.

الشيخ زايد.. عاصمة غسيل الأموال الرسمية!
لماذا تحوّلت هذه المنطقة الهادئة إلى أكبر مغسلة أموال في الشرق الأوسط؟ لماذا أصبح من الطبيعي أن تجد شخصًا مجهول الهوية يعلن عن استحواذات بمليارات الجنيهات، بينما تجار المهنة الأصليون لا يجدون ثمن القهوة؟ هل هناك سر دفين؟ أم أن “تيك توك” أصبح بورصة اقتصادية جديدة؟

الذهب على شكل أسود وأفاعي.. موضة أم استعراض؟
لا أحد يعلم من أين أتت هؤلاء النسوة اللاتي يرتدين أطنانًا من الذهب على أشكال كائنات برية وزواحف مخيفة! هل نحن في مهرجان ثقافي؟ هل هناك مسابقة لأغرب إكسسوار؟ والأهم: من الذي قرر أن هؤلاء يمثلن “المرأة المصرية الفاضلة”؟

حين يصبح القبح موضة!
لم تعد المسألة مجرد سلوكيات فردية بل أصبحت ثقافة كاملة! ملابس مزيفة سيارات ضخمة بطلاء لامع مطاعم وكباريهات تُفتتح يوميًا والأهم: الإصرار على فرض هذا “الاستايل” علينا بالعافية!

الطبيب والمهاجر والسرسجي الملياردير
ماذا نقول للطبيب الذي ترك بلده لأنه لا يجد راتبًا يكفيه، بينما شخص بلا تعليم ولا خبرة يوزع أموالًا بالمليارات؟ كيف نفسر للتاجر الشريف المدين للضرائب أن هناك من يصنع الثروة من لا شيء؟ هل الحل أن نترك العمل ونتجه جميعًا إلى “التريند”؟

أسد مصر ووحش مصر.. هل نحن في حديقة حيوان؟
لا أعلم متى بدأ توزيع هذه الألقاب؟ ومن الذي قرر أننا بحاجة إلى “أسود” و”وحوش” و”معلمين” ليكونوا ممثلين عن مصر؟ هل أصبحت البلاد بحاجة إلى حارس شخصي من هؤلاء؟ أم أن المسألة مجرد استعراض مجاني للعضلات والأموال المجهولة؟

مصر ليست بحاجة إلى مزيد من العبث ليست بحاجة إلى “تجار التيك توك” ولا إلى اقتصاد قائم على استعراض السلاسل الذهبية يكفي ما نحن فيه من فوضى! متى تعود الأمور إلى نصابها ونعرف مجددًا أن النجاح الحقيقي لا يُباع في المزادات بل يُصنع بالجهد والعمل؟

قد يعجبك ايضا
تعليقات