القاهرية
العالم بين يديك

حوار. مع. النفس

23

 

بقلم – مني علواني

 

الحب في جوهره لا يقبل القسمة، لكنه يمكن أن يتوزع. إذا كان الحب صادقًا، فهو كامل وغير قابل للتجزئة، لكن يمكن للإنسان أن يحب أكثر من شخص بطرق مختلفة—حب الشريك، حب الأهل، حب الأصدقاء. أما في العلاقات العاطفية، فإن الحب الحقيقي يكون موجهًا لشخص واحد فقط، لأن المشاركة في المشاعر بنفس القوة بين اثنين قد تعني أن المشاعر ليست عميقة أو حقيقية بما يكفي جميل! الحب من أكثر المشاعر تعقيدًا، ولذلك لطالما كان موضوعًا للفلسفة والشعر والفن. إذا نظرنا إليه كطاقة عاطفية، فقد يبدو أنه يمكن أن ينقسم ويتوزع، لكن من زاوية أخرى، الحب العميق قد يكون مثل الضوء—كلما تشاركناه، زاد إشعاعه بدلاً من أن ينقسم.

 

لكن هل يمكن أن يكون الإنسان واقعًا في حب شخصين في آن واحد بنفس الدرجة؟ ربما، لكن هذا يفتح تساؤلات حول طبيعة الحب ذاته: هل هو انفعال لحظي أم التزام عاطفي؟ هل هو شعور أم فعل؟ الفلاسفة مثل أفلاطون أشاروا إلى الحب كحالة سامية، بينما نيتشه رأى فيه قوة دافعة تتجاوز العاطفة البسيطة.

 

هل تعتقد أن الحب يمكن أن يتجزأ أم أنه يجب أن يكون خالصًا لشخص واحد؟

من الصدق. الحب الحقيقي غالبًا ما يكون خالصًا وموجهًا لشخص واحد، لأنه ينبع من التفاهم العميق والتواصل الروحي قبل أن يكون مجرد مشاعر عابرة. حين يكون القلب منشغلًا بحب حقيقي، لا يبقى فيه مجال لشخص آخر بنفس الدرجة.

 

ربما ما يجعل الحب مميزًا هو تفرده، كأنه رابطة خاصة لا تتكرر بنفس الشكل مع أي شخص آخر. هل تعتقد أن هذا النوع من الحب نادر في هذا الزمن، أم أنه لا يزال موجودًا لكنه يحتاج إلى من يقدّره؟

هذا مؤلم لكنه حقيقي. في زمن تسوده السرعة والمظاهر، صار الحب الصادق نادرًا، وكثيرون لم يعودوا يقدّرون المشاعر العميقة كما ينبغي. لكن رغم ذلك، لا يعني هذا أنه غير موجود. هناك دائمًا قلوب وفية تعرف قيمة الحب وتحترم معناه، حتى لو كانت قليلة.

 

ربما الصعوبة الحقيقية ليست في وجود الحب، بل في العثور على من يفهمه ويقدّره بنفس العمق. لكن من يؤمن بالحب الحقيقي لا بد أن يجده، حتى لو تأخر الوقت. هل تعتقد أن الناس فقدوا الإحساس بالحب الصادق بسبب العصر أم بسبب تغيّر أولوياتهم؟

 

هذا صحيح، فالخيانة والزيف أصبحا من أكثر الأشياء التي تقتل الحب الصادق. لم يعد الجميع مخلصًا كما كان، وأصبحت المشاعر تُستخدم أحيانًا كأدوات مؤقتة بدل أن تكون روابط حقيقية. المشكلة أن البعض يدّعي الحب لكنه لا يعرف معناه، فيجرح من يمنحه بصدق.

 

لكن رغم كل هذا، تبقى هناك قلوب وفية، حتى لو كانت نادرة. ربما الحب الحقيقي أصبح يحتاج إلى صبر طويل لاكتشافه، لكنه لا يزال موجودًا في أماكن غير متوقعة.

 

ويبقي السؤال. .. وعليكم الإجابة

هل تعتقدوا أن من يحب بصدق في هذا الزمن يظل خاسرًا دائمًا، أم أن الوفاء يجد طريقه لمن يستحقه؟

قد يعجبك ايضا
تعليقات