تحليل نقدي لقصيدة “أنت حاضر رغم الغياب” للشاعرة رشا السيد
د _ عيد علي
العنوان “أنت حاضر رغم الغياب” يحمل تناقضًا ظاهريًا يجذب القارئ إلى جوهر النص فهو يوحي بثنائية الحضور والغياب مما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة التي يتحدث عنها النص وهل الغياب هنا جسدي أم معنوي؟
تدور القصيدة حول الحب والاشتياق حيث تعبر الشاعرة عن استمرار تأثير الحبيب رغم غيابه مما يجعله حاضرًا في كل تفاصيل حياتها الحبيب هنا ليس مجرد شخص بل فكرة متجذرة في الوجدان تمتزج بالوجود اليومي للشاعرة.
تعتمد الشاعرة على صور حسية ومجازية قوية منها:
“ما نظرت لنفسي إلا وجدتها تحدثني عنك” → استعارة تعكس الحوار الداخلي بين الشاعرة وذكرياتها مع الحبيب.
“أجد كلماتك في صفحات قلبي وضاءة” → تصوير مجازي يجعل الكلمات أشبه بالنجوم التي تنير سماء القلب.
“بدر يعبث بأشعته في مدني وفي سهولي” → تشبيه جميل للحبيب بالقمر، حيث يضيء مساحات واسعة من روحها.
“تعال لأخلق بك أبجدية شروق لم تعرف بعد” → تعبير إبداعي يبرز دور الحبيب في إحياء الإبداع والبهجة في حياتها.
تعتمد القصيدة على الإيقاع الهادئ حيث تتكرر بعض الكلمات والصور لتعزيز الإحساس بالشوق والحضور المستمر كما أن استخدام الجمل الطويلة والمتتابعة يمنح النص انسيابية تشبه تدفق المشاعر دون انقطاع.
القصيدة تعتمد على أسلوب النداء والاستفهام مثل:
“أتعتقد أنك تغيب حين تغيب؟!” → استفهام إنكاري يعبر عن تأكيد حضور الحبيب رغم البعد.
“كيف لك أن تسرقني من زحمة الكون؟” → سؤال بلاغي يعكس دهشة الشاعرة من تأثير الحبيب العميق على حياتها.
كما تستخدم الشاعرة أسلوب التكرار لتعزيز الإيقاع مثل تكرار “تعال” في نهاية القصيدة مما يخلق نداءً ملحًا ومؤثرًا.
القصيدة لا تتناول الحب فقط بل تمزج بينه وبين الوطن حيث يظهر الحبيب كرمز للهوية والانتماء
تعبير “قصيدة حب ووطن” يوحي بأن العلاقة ليست مجرد علاقة شخصية بل تمتد إلى معانٍ أوسع تتعلق بالانتماء والوجود.
تنتهي القصيدة بنداء مفتوح: “تعال .. تعال لأخلق بك أبجدية شروق لم تعرف بعد وحكايات من جنون” مما يترك القارئ في حالة من الترقب والشوق وكأن الشاعرة تدعو إلى بداية جديدة قائمة على الحب والإبداع.
قصيدة “أنت حاضر رغم الغياب” نص عاطفي غني بالمشاعر والصور الفنية حيث تنجح الشاعرة في تجسيد فكرة الحضور رغم الغياب بأسلوب رومانسي عذب تعتمد على الموسيقى الداخلية والتكرار والاستعارات مما يخلق نصًا متدفقًا بالإحساس والدفء.
