بقلم د / هاني المصري
تمثل الحركات السياسية في مصر أحد المحركات الأساسية للتغيير والإصلاح، إذ تعكس تطلعات الشارع وتعبّر عن مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية. لكن في العقود الأخيرة، شهدت هذه الحركات تحديات كبيرة، أبرزها **الإقصاء الممنهج للعناصر الفاعلة**، سواء من خلال التضييق القانوني، أو حملات التشويه الإعلامي، أو القيود الأمنية.
لماذا يشكّل الإقصاء خطرًا على المشهد السياسي ؟
إضعاف الحياة السياسية
عندما يتم تهميش أو استبعاد الكوادر المؤثرة داخل الحركات السياسية، تفقد هذه الحركات زخمها وتأثيرها في المجتمع. فبدلاً من أن تكون هناك بيئة سياسية ديناميكية قادرة على تقديم حلول عملية، تتحول الساحة إلى حالة من الجمود السياسي.
خلق فراغ سياسي يؤدي إلى عدم الاستقرار
عند غياب القيادات ذات الخبرة والتأثير، قد تملأ هذا الفراغ قوى غير مؤهلة أو غير منظمة، مما يساهم في حالة عدم الاستقرار ويفتح المجال لظهور تيارات متطرفة أو غير مسؤولة تسعى إلى فرض أجندتها بطرق غير ديمقراطية.
إضعاف قنوات الحوار والتفاوض
وجود عناصر سياسية فاعلة يتيح إمكانية التفاوض والحوار بين السلطة والمعارضة، وهو أمر ضروري للحفاظ على التوازن السياسي . أما عند غياب هذه الشخصيات بسبب الإقصاء، تصبح اللغة الوحيدة المتاحة هي الصدام ، مما يزيد من حدة الاستقطاب.
دفع الشباب نحو العزوف عن العمل السياسي
الإقصاء المستمر يرسل رسالة سلبية إلى الأجيال الجديدة مفادها أن العمل السياسي محفوف بالمخاطر ولا جدوى منه ، مما يؤدي إلى عزوف الشباب عن المشاركة السياسية ، وهو ما يضعف مستقبل الحياة الديمقراطية في البلاد.
إضعاف ثقة المجتمع في النظام السياسي
عندما يرى المواطن أن هناك شخصيات سياسية يتم استبعادها أو محاربتها لمجرد اختلافها في الرأي، يتولد لديه إحساس بعدم الثقة في النظام السياسي ، مما قد يؤدي إلى حالة من اللامبالاة أو حتى الاحتقان الشعبي.
ما الحل ؟
تعزيز التعددية السياسية من خلال فتح المجال لكافة التيارات للتعبير عن آرائها دون خوف من الإقصاء أو القمع.
إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع السياسي عبر إشراك العناصر الفاعلة في عملية صنع القرار.
تمكين الشباب وتأهيلهم سياسيًا ليكونوا جزءًا من الحراك السياسي بدلاً من تهميشهم أو دفعهم للعزوف عنه.
الالتزام بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان لضمان بيئة سياسية صحية تستوعب الجميع.
ختامًا
إقصاء العناصر الفاعلة في الحركات السياسية لا يعني فقط إضعاف المعارضة، بل هو إضعاف للدولة نفسها . فالأنظمة القوية هي التي تعتمد على التعددية وتستفيد من جميع العقول والطاقات، لا التي تعمل على تهميشها. مصر بحاجة إلى حياة سياسية متجددة وقائمة على الحوار والانفتاح، لا على الإقصاء والتهميش.
