م / رمضان بهيج
وقفة مع قرب انتهاء العشرة الثانية من شهر رمضان .
ها نحن نخطو بثبات نحو الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك ، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران. لقد انقضت العشرة الأولى، عشر الرحمة، ونحن الآن على أعتاب نهاية العشرة الثانية، عشر المغفرة. أيام مباركة وليالٍ فضيلة انقضت سريعًا كطيف زائر، تاركة في قلوبنا وأرواحنا أثرًا طيبًا ودافعًا نحو المزيد من الطاعات والقربات.
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون. صدق الله العظيم
إن العشرة الثانية من رمضان تمثل فرصة عظيمة لتجديد التوبة والاستغفار. هي أيام خصها الله عز وجل بنفحات مغفرته، يمحو فيها الذنوب ويستر العيوب ويتجاوز عن التقصير. كم من نفوس أثقلتها الخطايا والزلات، وكم من قلوب غشاها الران، تجد في هذه الأيام فرصة سانحة لغسل الأدران والعودة إلى الله بقلب منيب.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ. صدق الله العظيم
فلنتفكر في حالنا في هذه العشر المنقضية. هل استشعرنا حقًا قيمة المغفرة وسعينا إليها بصدق؟ هل أقبلنا على الله بقلوب خاشعة، نادمين على ما فات، عازمين على الاستقامة فيما هو آت؟ إنها لحظات محاسبة للنفس، ومراجعة للأعمال، وتقويم للمسار.
مع قرب انتهاء هذه العشر المباركة، لا ينبغي أن يفتُر عزمنا أو يضعف سعينا. بل يجب أن نستشعر قرب العشر الأواخر، عشر العتق من النيران، ونجدد الهمة للاجتهاد في الطاعات والقربات. ففي هذه الليالي المباركة تتنزل الرحمات وتضاعف الأجور، وفيها ليلة القدر خير من ألف شهر.
بسم الله الرحمن الرحيم
{ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} (الأعراف:156).
فلنجعل من هذه الأيام المتبقية من العشر الثانية محطة انطلاق قوية نحو العشر الأواخر. لنكثر من الاستغفار والتوبة، ولنلح على الله بالدعاء، راجين مغفرته وعفوه ورضوانه. لنصل أرحامنا، ونتصدق على فقرائنا، ونحسن إلى جيراننا. لنملأ أوقاتنا بالذكر والتلاوة والقيام، عسى أن نكون من الفائزين في هذا الشهر الكريم.
إن انقضاء الأيام والليالي في رمضان تذكرة لنا بقرب انقضاء العمر، ودافع لنا للاستعداد ليوم المعاد. فلنغتنم كل لحظة في هذا الشهر المبارك، ولنجعلها شاهدة لنا لا علينا. عسى أن يبلغنا الله ليلة القدر ويجعلنا من عتقائه من النار، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا.
اللهم اجعلنا وإياهم من عتقائك من النار.
الصيام والقرآن هما كنزان عظيمان، أنعم الله بهما علينا. على استغلالهما في الدنيا، لكي يكونا لنا شفيعين يوم القيامة، ويدخلانا الجنة.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا. اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، سرها وعلنها. اللهم اجعلنا من المغفور لهم في هذه العشر المباركة، وبلغنا العشر الأواخر وأنت راض عنا.
آمين.
