ريناد حسام
في سباق العلماء لإيجاد علاجات أكثر فعالية للأمراض المستعصية مثل السرطان، تبرز الأبحاث الحديثة حول بروتينات الأغشية الخلوية كأحد المفاتيح الرئيسية لفهم المرض والتغلب عليه. فقد تمكن فريق بحثي من جامعة ييل بقيادة كالول جوبتا من تطوير “مكتبة جزيئية” تضم آلاف البروتينات الغشائية، ما يفتح الباب أمام علاجات مبتكرة تستهدف بيئة الخلية بدقة غير مسبوقة.
تمثل هذه المنصة الجديدة خطوة هامة في مجال علم الأحياء النانوي، حيث توفر تقنية متقدمة لفهم كيفية تفاعل البروتينات داخل الغشاء الخلوي، وهو أمر بالغ الأهمية لأن أكثر من 60% من الأدوية الحالية تستهدف هذه البروتينات. بفضل هذه الأداة، سيتمكن الباحثون من تسريع عمليات اكتشاف الأدوية وتحديد البروتينات المرتبطة بالأمراض المختلفة بدقة وسرعة أكبر.
وقالت كارولين براون، الباحثة المشاركة في الدراسة، إن هذه التقنية ستساعد العلماء حول العالم في دراسة بروتينات الأغشية بطريقة لم تكن ممكنة من قبل، مما قد يساهم في تحقيق ثورة علاجية جديدة في المستقبل القريب.
كيف تعمل هذه التقنية؟
تعتمد المنصة الجديدة على الجمع بين قياس الطيف الكتلي المتطور وتقنيات الهندسة الجزيئية لتحديد البنية الدقيقة والتفاعلات الحيوية لبروتينات الأغشية الخلوية. وتتيح هذه الطريقة التعرف على الجزيئات النشطة في الخلية، ما يساعد العلماء على تحديد الأهداف العلاجية الأكثر فاعلية.
كما أن هذه المكتبة الجزيئية توفر 2000 نوع من بروتينات الغشاء إلى جانب أداة كيميائية متطورة لتحليل البيئة المحيطة بهذه البروتينات. وهذا يمنح العلماء فرصة لفهم كيفية تأثير بيئة الخلية على سلوك البروتينات، مما يتيح استراتيجيات جديدة لاستهداف الأمراض المقاومة للعلاج.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
يمثل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في الأبحاث الطبية، إذ إنه يساعد في تسريع عملية اكتشاف العقاقير وتقليل التكاليف المرتبطة بها. بدلاً من قضاء سنوات في البحث عن بروتين معين مرتبط بمرض معين، يمكن للباحثين الآن استخدام قاعدة البيانات الجديدة لتحديد الأهداف العلاجية الأكثر دقة خلال فترة زمنية أقصر.
ومن المتوقع أن تفتح هذه التقنية آفاقًا واسعة لعلاج العديد من الأمراض المزمنة والمستعصية، مثل السرطان، وأمراض المناعة الذاتية، والأمراض العصبية، من خلال استهداف البروتينات الغشائية بطريقة أكثر ذكاءً وفعالية.
مع استمرار هذه التطورات، يبدو أننا نقترب خطوة جديدة نحو عصر العلاجات المخصصة، حيث يمكن تصميم أدوية تتفاعل مع بيئة الخلية بشكل دقيق، مما يزيد من فرص الشفاء ويقلل من الآثار الجانبية.
