القاهرية
العالم بين يديك

قصف المحصنات والتحذير من هذا الذنب العظيم

17

بقلم: أحمد خالد

في مجتمعاتنا، تُعَدُّ الكلمة سلاحًا قد يبني أو يهدم، يرفع أو يسقط. ومن بين الجرائم الأخلاقية التي حذَّر منها الإسلام وحمل مرتكبها وزرًا عظيمًا، هي جريمة “قذف المحصنات”، التي تمثل اعتداءً صارخًا على الشرف والكرامة، وتهديدًا للسلم الاجتماعي.

مفهوم قذف المحصنات

قذف المحصنات هو اتهام المرأة العفيفة بالزنا أو الفاحشة دون دليل قاطع أو شهود، وهو من الكبائر التي توعد الله مرتكبها بعقاب شديد في الدنيا والآخرة. قال تعالى:

> “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (النور: 23).

خطورة هذا الذنب

قذف المحصنات لا يقتصر ضرره على الفرد فحسب، بل يمتد ليهدم الأسرة ويفكك النسيج الاجتماعي، ويشيع الفساد في الأرض. فالاتهام الكاذب يهدم السمعة، ويدمر الحياة الاجتماعية والنفسية للضحية، ويؤدي إلى انعدام الثقة في المجتمع.

العقوبة الشرعية

الإسلام وضع عقوبات صارمة لردع مرتكبي هذه الجريمة، حيث قرر القرآن الكريم أن يُجلد القاذف ثمانين جلدة إذا لم يأتِ بأربعة شهود يشهدون على صحة ادعائه. قال تعالى:

> “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (النور: 4).

الأسباب والدوافع

تتعدد الأسباب التي تدفع بعض الأفراد لارتكاب هذه الجريمة، منها:

1. الحقد والغيرة.

2. الانتقام الشخصي.

3. نشر الفتنة والإفساد بين الناس.

4. الجهل بعواقب هذا الفعل في الدنيا والآخرة.

آثار القذف على المجتمع

تفشي الفتنة والفرقة بين أفراد المجتمع.

تشويه سمعة الأبرياء وتدمير حياتهم.

نشر الشائعات والكذب، مما يؤدي إلى انعدام الثقة بين الناس.

كيف نحمي المجتمع من هذه الجريمة؟

1. التوعية الدينية والأخلاقية بخطورة القذف وعقوبته في الدنيا والآخرة.

2. تفعيل القوانين الرادعة ومعاقبة القاذفين.

3. نشر ثقافة احترام الآخرين وحفظ أعراضهم.

4. تعزيز الوعي الإعلامي بمسؤولية الكلمة وضرورة التحقق من الأخبار قبل نشرها.

الخاتمة

إن قذف المحصنات من الذنوب العظيمة التي حذَّر منها الإسلام بشدة، لما لها من تأثير مدمر على الأفراد والمجتمعات. وعلى كل فرد أن يدرك خطورة الكلمة، ويتقي الله في عرضه وأعراض الناس، فاللسان قد يكون سببًا في هلاك صاحبه إذا استخدم في الباطل.

اللهم احفظ ألسنتنا من الزلل، وقلوبنا من الحقد والحسد، واجعلنا من عبادك الصالحين الذين لا يشهدون الزور ولا يخوضون في أعراض الناس.

قد يعجبك ايضا
تعليقات