بقلم د _ طارق درويش
الخوف من المستقبل هو شعور يراود الكثير من الناس، حيث تسيطر عليهم الهواجس بشأن ما سيحدث غدًا أو في السنوات القادمة. قد يكون هذا الخوف مرتبطًا بالرزق، بالصحة، بالعلاقات، أو حتى بالأحداث العالمية الكبرى. لكن كيف يمكن للإنسان التغلب على هذا الشعور الذي قد يعطّل حياته ويؤثر على إنتاجيته وسعادته؟
1. الإيمان بالقضاء والقدر
يؤكد القرآن الكريم أن كل شيء في هذا الكون يجري وفق تقدير إلهي محكم، قال تعالى: “قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا” (التوبة: 51). هذه الآية تمنح الإنسان طمأنينة بأن المستقبل ليس فوضويًا أو مجهولًا تمامًا، بل هو بيد الله الحكيم.
2. الرزق مكتوب ولا داعي للقلق
القلق بشأن المال والعمل والمستقبل الاقتصادي هو من أكثر الأمور التي تؤرق الناس. لكن القرآن يطمئننا بأن الرزق مقسوم ومقدر، قال تعالى: “وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ” (الذاريات: 22). هذا لا يعني التواكل، بل يعني أن نسعى ونبذل الجهد دون خوف مرضي من الفشل.
3. التركيز على الحاضر بدلًا من القلق بشأن المستقبل
من سيكولوجية القرآن الكريم أنه يوجه الإنسان للعيش في اللحظة الحاضرة بدلًا من استنزاف طاقته في الخوف مما سيأتي. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًى لَوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا” (آل عمران: 156). أي أن الخوف والندم لا يغيران شيئًا، بل العمل الإيجابي هو الأهم.
4. الاستعانة بالصبر والصلاة
الخوف من المستقبل يمكن التغلب عليه باللجوء إلى الله، فالله سبحانه وتعالى يوصينا بالاستعانة بالصبر والصلاة عند مواجهة الهموم، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 153).
5. التفاؤل والثقة بالله
يحثنا القرآن الكريم على التفاؤل والتوكل على الله، فقد قال النبي يوسف عليه السلام لإخوته رغم كل ما مر به: “إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” (يوسف: 90). هذه رسالة مباشرة بأن الثقة بالله وحسن الظن به هما المفتاح للخروج من أي أزمة.
التعامل مع الخوف من المستقبل يتطلب إيمانًا قويًا بأن الأمور تجري وفق حكمة الله، وأن الإنسان عليه أن يسعى ويعمل دون أن يسمح للخوف بأن يشلّ تفكيره أو يحدّ من طموحاته. القرآن الكريم يقدم علاجًا نفسيًا وروحيًا لهذا الخوف من خلال الإيمان، والتوكل، والعمل، والتفاؤل.
المستقبل بيد الله، فلماذا القلق؟
