القاهرية
العالم بين يديك

موقف من حياة الصحابة

4

كتب / عادل النمر

 

بلال بن رباح كان عبد عند بني عبد الدار، وبعدها باعوه لأمية بن خلف، الذى كان من أشــ،د الناس قسوة وطغيان.

 

لما نور الإسلام بدأ يشع في مكة، بلال كان من أوائل اللي دخلوا في الدين الجديد، وهذا جعله يواجه عــذ،اب لا يتحمله بشر!

 

أبو بكر وعلي كانوا من عائلات كبيرة، ولا يستطيع احد يلمسهم، لكن بلال والمستضـ،عفين كانوا هم اللي بيدفعوا التمن، كانوا بيتعــ،ذبوا كل يوم قدام الناس عشان يكونوا عبرة لأي حد يفكر يتبع محمد صل الله عليه وسلم

 

كفــ،ار قريش كانت قلوبهم قاسية ، كانوا بيتفننوا في تعــ،ذيبهم، وفي عز الشمس الحــ،ارقة كانوا بيخلّعوا هدومهم، ويلبسوا دروع من الحديد، عشان نــ،ار الشمس تحـــ،رق أجسادهم، لكن محدش كان أشـــ،د على قلوبهم من بلال، اللي كل ما عذبـ،وه، رد عليهم بكلمته الشهيرة:

“أحدٌ.. أحدٌ”

 

كانوا يربطوه، ويضــ،ربوه بالســ،ياط، ويحطوا عليه صخـ،ور تقطع النفس، وهو ثابت، يكررها بصوته، كأنه بيتحداهم!

 

حتى جاء أبو بكر، وقرر يشتريه، واعتــ،قه لوجه الله، وخلصه من العــ،ذاب الذى كان فيه. بلال لازم النبي صل الله عليه وسلم ، وهاجر معه للمدينة، وهناك كان له شرف إنه يكون أول مؤذن في الإسلام!

 

وبعد سنين، جاء اليوم الذى يرى بلال فيه نهايتهم بنفسه ، رأى بعينه مصـــ،رع أبو جهل وأمية بن خلف في غــ،زوة بدر، اللي كانوا بيعــ،ذبوه في مكة، وهذه كانت لحظة انتصار عظيمة ليه.

 

لكن اللحظة الأعظم كانت يوم فتح مكة، لما النبي صل الله عليه وسلم أمره يطلع فوق الكعبة، ويؤذن بأعلى صوته، والناس كلها رأته فوق، بعد ما كانوا بيضــ،ربوه على الأرض، فصعد على كتف أبو بكر وعمر، وأعلنها بصوته العذب.. الله أكبر.. الله أكبر.

 

مرت الأيام، وظل بلال بجوار النبي صل الله عليه وسلم ، حتى انتقل الحبيب المصطفى للرفيق الأعلى.

 

يومها، حاول بلال يؤذن، لكن أول ما وصل عند “أشهد أن محمدًا رسول الله”, صوتُه اتكتم، ودموعه غلبته، وانــــ،هار الصحابة بالبكاء، ولم يستطيع أن يكمل الأذان!

 

بعدها، طلب من أبو بكر إنه يسيب مكة، لإنه ماقدرش يعيش فيها بعد الرسول صل الله عليه وسلم. أبو بكر تردد في الموافقة، لكن بلال قال له الجملة اللي خلت أبو بكر ينزل دموعه:

“إن كنتَ اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنتَ قد أعتقتني لله، فخلِّني لمن أعتقتني له.”

 

فقال له أبو بكر:

“والله ما اشتريتك إلا لله، وما أعتقتك إلا في سبيله.”

 

رد بلال بكلماتٍ من قلبه:

“إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله.”

 

وسافر بلال إلى الشام، ولم يؤذن بعد وفاة النبي صل الله عليه وسلم ، إلا مرة واحدة فقط، لما زاره عمر بن الخطاب عندما كان بيستلم مفاتيح بيت المقدس وطلب منه إنه يؤذن، فوافق.

 

ولما رفع صوته بالأذان، المدينة كلها سمعته، والصحابة ماقدروش يتحملوا، عمر بن الخطاب نفسه بكى بكاءً شديدًا، ومعاه كل الصحابة، كأنهم بيعيشوا أيام النبي صل الله عليه وسلم من جديد .

 

وكان كل ما يتكلم عمر عن بلال، يقول الجملة المشهورة:

“أبو بكر سيِّدٌنا وأعتق سيِّدنا.”

 

حتى جاء اليوم الموعود، وبلال في آخر لحظاته، كانت زوجته تقف بجانبه تبكى وتقول:

“واحزناه!”

 

لكن بلال كان بيسمع حاجة تانية خالص، كان فرحان وبقول:

“وافرحاه!”

 

وآخر كلمة قالها قبل ما يسلم روحه:

“غدًا نلقى الأحبَّة، محمدًا وصحبه.”

 

ربح البيع يا بلال، ونلت الذى كنت بتتمناه، وجاورت الحبيب المصطفى، فالسلام عليك وعلى روحك الطاهرة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات