أسماء عبد الرحمن
في عصر السرعة والمشاغل الكثيرة، أصبح التغافل مهارة ضرورية، بل يمكن اعتباره من متطلبات البقاء. لكن، هل تعلم أن التغافل ليس مجرد تجاهل عابر؟ لا، لا، إنه علم قائم بذاته، وله تصنيفات دقيقة أشبه بتخصصات الطب! دعونا نستعرضها معًا:
1. التغافل للحفاظ على الود
هذا هو النوع الكلاسيكي، حيث تتجاهل “غلاسة” أحد الأصدقاء كي لا تخسره. مثلًا، عندما يرسل لك رسالة من عشرين سطرًا ولا يترك لك فرصة للرد إلا بـ”ههه”.
2. التغافل للحفاظ على الطاقة
لأن الدخول في نقاش مع البعض يستهلك سعرات حرارية أكثر من ممارسة الرياضة، فالأفضل تركهم يعيشون في عالمهم الخاص.
3. التغافل لغياب التقدير
عندما تتحمس وتبذل جهدًا كبيرًا في عمل ما، ثم يأتي شخص ليقول لك: “عادي، ما عملت حاجة عظيمة!”.. هنا تحتاج جرعة مضاعفة من التغافل لتجنب فقدان السيطرة على أعصابك.
4. التغافل لانعدام الحوار
يحدث عندما تتحاور مع شخص يرى أن رأيه وحيٌ منزل، فلا حل إلا أن تبتسم وتتمتم: “أنت صح وأنا الغلطان!” ثم تبتعد بكرامتك.
5. التغافل لعدم جدوى العتاب
البعض يعتبر العتاب فرصة لعرض مواهبه في قلب الطاولة عليك، فتجد نفسك في النهاية تعتذر بدلًا من أن تطالب بحقك! لذا، التغافل هو الحل السحري هنا.
6. التغافل من شدة اليأس
عندما تصل لقناعة أن شرحك للأمر لشخص معين يشبه محاولة تعليم الببغاء جدول الضرب، فإن التغافل يصبح ضرورة حتمية للحفاظ على السلام النفسي.
7. التغافل من خيبة الأمل
وهذا النوع يستخدم عند اكتشاف أن الشخص الذي كنت تعتبره “حكيم الزمان” يتخذ قرارات أغبى من مشهد في فيلم أكشن مصري.
8. التغافل لسقوط أحدهم من القلب
هذا هو التغافل الاحترافي، حيث يصبح الشخص مجرد “ظل” يمر أمامك دون أن يثير فيك أي مشاعر، لا حب ولا كره.. مجرد “لا شيء”!
9. التغافل لكثرة ما تغافلنا سابقًا
في هذه الحالة، يكون التغافل عبارة عن “إدمان”، فأنت لم تعد تملك طاقة للمواجهة، وتكتفي بترديد عبارة: “ماشي يا دنيا!”
10. التغافل حتى لا تتأذى نفسيًا
لأن التدقيق في تصرفات البعض قد يؤدي إلى أضرار عقلية، فالأفضل اعتماد وضعية “طنّش تعش تنتعش”.
وفي النهاية، إذا شعرت أن الحياة أصبحت مليئة بالأشخاص الذين تحتاج للتغافل عنهم.. فربما المشكلة ليست فيهم وحدهم، بل في “فلتر العلاقات” لديك!
عندما يصبح التغافل فنًّا استراتيجيًا!
بعد أن استعرضنا قائمة أنواع التغافل، حان الوقت لنكشف أسرار إتقانه باحترافية دون أن تبدو ضعيفًا أو ساذجًا. لأن الحقيقة هي أن التغافل ليس دائمًا علامة على الحكمة، بل أحيانًا يصبح حيلة دفاعية ضد العبث الذي يحيط بنا.
كيف تتقن فن التغافل دون أن تخسر هيبتك؟
1. اتقن “النظر عبر الأشخاص”
لا تقصد التجاهل التام، بل تعامل مع بعض البشر كما لو كانوا مؤثرات صوتية في الخلفية.. أصوات بلا تأثير حقيقي، كضجيج الشارع أثناء قيادتك.
2. كن محترفًا في تغيير الموضوع
عندما يبدأ أحدهم في استفزازك بحديث غير مريح، تحوّل فجأة إلى خبير طقس وقل: “سمعت أن الصيف هذه السنة سيكون حارًا جدًا!” وراقب ردود الأفعال.
3. استخدم جملة “ما لاحظت” كسلاح فتاك
عندما يأتيك أحدهم متحمسًا ليسألك: “ألم تلاحظ أنني لم أعد أراسلك؟” أجب بكل برود: “بصراحة، ما لاحظت!” وشاهد كيف ينهار خطته لإثارة اهتمامك.
4. تظاهر بالانشغال المفرط
عندما يحاول أحدهم استفزازك، فجأة تذكّر أنك بحاجة للرد على رسالة وهمية أو تفقد بريدك الإلكتروني.. حتى لو لم يكن لديك بريد إلكتروني من الأساس.
5. ابتسم ابتسامة غامضة
عندما يتوقع منك أحدهم ردة فعل غاضبة، اكتفِ بابتسامة نصفها حكيم والنصف الآخر ساخر.. ستجعلهم يتساءلون طوال اليوم عن معناها!
6. اعتمد تقنية “الإجابة المُحبِطة”
عندما يسألك أحدهم “ألم يزعجك ما قلته؟” أجب بكل بساطة: “لا، عادي جدًا!”.. لا شيء يقتل المتعة عند مستفزٍّ أكثر من غياب الاستجابة المتوقعة.
متى يجب التوقف عن التغافل؟
بالرغم من أن التغافل مهارة ذهبية، إلا أن هناك حالات لا يجب فيها الصمت، مثل:
عندما يتحول تجاهل الأمور إلى خسارة حقوقك.
عندما يكون التجاهل سببًا في تعزيز سلوكيات غير مقبولة من الآخرين.
عندما يكون السكوت يحمّلك أكثر مما تحتمل نفسيًا وعاطفيًا.
وأخيرًا، لا تجعل حياتك كلها تغافلًا، وإلا ستجد نفسك تعيش في عالم موازٍ لا أحد يدرك فيه قيمتك. اختر معاركك بحكمة، وتغافل بذكاء، لكن لا تنسَ أن أحيانًا المواجهة تكون الحل الوحيد.