بقلم _ أحمد خالد
في قلب مدينة الأقصر، حيث التاريخ يروي قصصه العريقة، كان لمنزل الشيخ مهمدي طابعٌ خاص في ليالي رمضان. فبعد صلاة التراويح، كان الشيخ يجمع الأحباب في سهرة روحانية مميزة، حيث يتوافد المقرئون والعلماء وأهل الحي ليعيشوا أجواءً من الإيمان والود الصادق.
ومن بين الضيوف الذين اعتادوا إحياء هذه السهرات، كان الشيخ بدر – المقرئ الشهير – الذي كان بصوته العذب يشدو بتلاوات تملأ المكان بالخشوع والسكينة. ولم يكن الأمر مقتصرًا على المسلمين فقط، بل كان النصارى من أبناء الحي يشاركون في هذه الجلسات، في مشهد يعكس أسمى معاني التعايش والمحبة.
أما المشروب الذي كان يميز هذه الليالي، فكان “السماسم”، وهو مزيج من القرفة والسمسم، يُقدَّم للضيوف كرمز للدفء والضيافة. كانت تلك السهرات فرصة لتلاقي القلوب، وتبادل الأحاديث، وتجديد الروابط بين أهل البلدة، في أجواء يسودها الحب والتآخي.
رحل الشيخ مهمدي ومن حضروا تلك الليالي المباركة، لكن ذكراهم لا تزال حية في قلوب من عاشوا تلك الأيام، شاهدةً على زمنٍ كان فيه التلاحم الإنساني أقوى من أي اختلاف.
