بقلم: أحمد خالد
في عالم يموج بالصراعات والاختلافات، تبرز قيمة العفو عند المقدرة كواحدة من أسمى القيم الإنسانية التي تعكس قوة النفس ورقي الأخلاق. فالعفو ليس ضعفًا، بل هو دليل على الترفع عن الأحقاد والسمو فوق الانتقام، وهو فضيلة لا يتحلى بها إلا من ملك زمام نفسه واستطاع أن ينتصر على رغباته الداخلية.
قوة العفو لا ضعف الانتقام
يظن البعض أن الانتقام هو السبيل الوحيد لاستعادة الهيبة والكرامة، غير أن الحقيقة تثبت أن العفو أكثر تأثيرًا وأشد وقعًا على القلوب. فالشخص الذي يعفو رغم قدرته على العقاب، يثبت أنه أقوى من غضبه وأعلى من الضغائن. وقد جسّد الرسول الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، أروع صور العفو عندما عاد إلى مكة فاتحًا، وهو الذي لاقى من أهلها أذى لا يحتمله بشر، لكنه قال كلمته الخالدة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء.”
العفو في واقعنا المعاصر
في حياتنا اليومية، نواجه الكثير من المواقف التي تضعنا أمام خيارين: الانتقام أو العفو. ومع تسارع وتيرة الحياة وكثرة الضغوط، أصبح العفو نادرًا، رغم أنه مفتاح السلام الداخلي، فهو يمنح صاحبه راحة نفسية وسكينة لا يشعر بها من يحمل في قلبه أعباء الكراهية والرغبة في الانتقام.
في المجتمعات المتحضرة، يُنظر إلى العفو كقيمة أخلاقية يجب تعزيزها، ليس فقط على المستوى الشخصي، ولكن أيضًا في المجالات السياسية والاجتماعية، حيث تسهم ثقافة التسامح في ترسيخ الاستقرار ونشر روح التفاهم بين الأفراد والشعوب.
ختامًا.. العفو رفعة وكرامة
ليس هناك أجمل من أن يعفو الإنسان وهو قادر، فهو بذلك يكسب احترام الآخرين ويثبت لهم أنه أكبر من الإساءة التي تعرض لها. العفو قوة، والعظماء وحدهم هم الذين يمتلكون هذه القدرة، فليكن شعارنا في الحياة: “نحن نعفو، لا لأنهم يستحقون العفو، بل لأننا نستحق السلام.”
