بقلم / دهدي عبد السميع موسى
هل تساءلت يومًا لماذا يبدو أن بعض الأشخاص يشغلون حيزًا في ذهنك؟
حتى عندما تتمنى ألا يحدث ذلك.
أنت تنتقل في حياتك وتنشغل بتجارب جديدة وتقابل أشخاصًا جدد، ومع ذلك يبقون موجودين مثل شبحٍ من الماضي، يظهرون في اللحظات الهادئة.
هذه الأفكار المتكررة ليست عشوائية، بل هي إشارات من اللاوعي تدعونا للتفكير بشكل أعمق.
العقل البشري ليس مجرد آلة تعالج المعلومات المنطقية وتستغني عن غير الضروري، بل يحتفظ بما هو مشحون عاطفيًا، أو ما هو غير محسوم، أو شيء ما زال له معنى.
في بعض الأحيان، يحدث ذلك حتى ضد إرادتنا.
إذا كان شخص ما يظهر باستمرار في أفكارك، فقد يكون ذلك علامة على وجود ارتباط نفسي خفي بينك وبينه، شيء غير مكتمل في أعماق نفسك.
إننا جميعًا مرتبطون بشبكة غير مرئية من التجارب المشتركة، الرموز، والمشاعر التي تتجاوز الفرد.
بعض الأشخاص يدخلون حياتنا، يطبعون أنفسهم في هذا الجزء الأعمق منا.
وجودهم في أفكارنا ليس مجرد ذاكرة، بل هو رسالة.
في بعض الأحيان، تكون هذه الأفكار المتكررة مرتبطة بعاطفة لم نتمكن من معالجتها بالكامل.
قد تكون حبًا، ندمًا، إعجابًا، أو حتى استياءً.
ولكن بغض النظر عن العاطفة،
حقيقة أن هذا الشخص لا يزال في ذهنك تعني أن وعيك لا يزال يتمسك به لسبب ما.
العقل لا يعيد تشغيل ما هو بلا معنى، بل يركز على ما يحمل وزنًا، على ما يحتاج إلى الاعتراف.
الطاقة العاطفية غير المنتهية.
عندما تحمل العلاقات أو اللقاءات أو حتى اللحظات العابرة شحنة عاطفية قوية، فإنها تترك انطباعًا، شيئًا ما لا يمكنك فهمه مهما حاولت.
إن اللاوعي لا يعمل على الوقت كما يفعل العقل الواعي، فهو لا يهتم إن مرت أشهر أو سنوات.
إذا كان شيء ما غير محلول، فإنه يبقى نشطًا تحت السطح،
يؤثر بهدوء على أفكارك وعواطفك.
هل سمعت يومًا أغنية ونقلتك على الفور إلى لحظة ما، أو شخص ما، أو شعور ما؟
هذا لأن العقل يخزن التجارب في مجموعات عاطفية،
ويمكن لتحفيز واحد أن يعيد كل شيء.
إذا كان شخص ما لا يزال في أفكارك، فقد يكون ذلك لأن الخيط العاطفي الذي يربطك به لم ينقطع بالكامل.
لكن هذا يتعمق أكثر وأكثر مع الوقت.
بعض الأشخاص يبقون في أذهاننا، ليس بسبب من هم، ولكن بسبب ما يمثلونه.
يتحدث العقل اللاواعي باستخدام الرموز، ويربط الأشخاص بالدروس، الرغبات، أو حتى الجروح من الماضي.
أحيانًا، الشخص الذي لا تستطيع التوقف عن التفكير فيه ليس مجرد فرد، بل هو صورة نمطية، انعكاس لشيء أكبر بداخلك.
ربما يجسدون شوقًا عميقًا، ألمًا غير محلول، أو قطعة مفقودة من قصتك الشخصية.
إن أنفسنا تتمسك بتلك الشخصيات لأنها مرتبطة بنمونا،
وحتى نفهم الدور الذي تلعبه في لاوعينا، ستستمر هذه الشخصيات في الظهور.
السؤال الحقيقي هو:
ماذا يحاول عقلك أن يخبرك؟؟!!
