د _ عيد علي
عندما استرجعت شريط ذكرياتي أيقنت أنه مهما حاولت لن تتمكن من تغيير طبع الإنسان السام فبعض النفوس لا تتأثر بالحب ولا تلين بالمواقف الطيبة قد تعطي من قلبك بلا حساب تصبر تتحمل وتظن أن لمسات الحنان قد تزيل القسوة لكنك في النهاية ستكتشف أنك كنت تصب الماء في الرمال.
السامّ لن يتحول إلى طيب مهما فعلت قد يظهر لك وجهًا حسنًا لبعض الوقت لكنه سرعان ما يعود لطبيعته يلدغ دون سابق إنذار ويتركك تتساءل: لماذا؟ ماذا فعلت لأستحق ذلك؟ الحقيقة أنك لم تفعل شيئًا خاطئًا فقط تعاملت بصدق مع شخص لا يقدّر الصدق مع روح لا تعرف سوى الخذلان.
لا تلوم نفسك ولا تحاول التبرير فهناك نفوس خلقت لتؤذي تمامًا كالأفعى التي لا تتغير حتى لو قدمت لها العسل لذا لا تحاول إصلاح ما لا يُصلح ولا تهدر وقتك في ترويض ما خُلق ليلدغ. ابتعد عن السامّين فالقرب منهم استنزاف لن تشعر بعواقبه إلا بعد فوات الأوان.
الحياة أقصر من أن تهدرها في محاولات عبثية لتغيير من لا يريد التغيير فالشخص السام لا يرى في تصرفاته خطأ ولا يشعر بالذنب عندما يؤذي بل قد يعتبر طيبتك ضعفًا واستمرارك معه فرصة ليستنزفك أكثر لا تنتظر منه تقديرًا ولا تتوقع منه ندمًا فهذه المشاعر لا يعرفها ولا يدرك قيمتها.
الحل الوحيد مع هذه الشخصيات هو الابتعاد وليس الدخول في معركة لإثبات أنك الأفضل أو أنك تستحق معاملة مختلفة لا ترهق نفسك في تفسير أفعاله ولا تحاول فهم دوافعه فهو ببساطة كائن بلا قلب يرى الآخرين كوسيلة لتحقيق رغباته وعندما ينتهي دوره في حياته يلقي به دون تفكير.
احفظ كرامتك لا تتوسل الاهتمام ممن لا يراك ولا تمنح قلبك لمن لا يقدّره تعلم أن تغلق الأبواب بإحكام أمام من يسرق منك طاقتك وسعادتك فليس كل ودٍ يجب أن يُحفظ وليس كل شخص يستحق العطاء في النهاية سلامك النفسي أهم من أي علاقة لا تضيف لك سوى الألم.
مع مرور الوقت ستدرك أن التخلص من الأشخاص السامّين والحق أقول ليس خسارة بل نجاة ستشعر بخفة لم تعهدها كأنك تحررت من حمل ثقيل كان يجثم على روحك ستبدأ في استعادة ذاتك في رؤية الحياة بألوان أصفى وستكتشف أنك كنت تعيش في دائرة مغلقة من الألم والتساؤلات التي لا إجابة لها.
لا تندم على الطيبة التي قدمتها ولا تأسف على الحب الذي منحته لمن لم يقدّره فأنت لم تكن مخطئًا عندما أحببت بصدق بل هم من لم يكونوا يستحقون هذا الصدق. وما دمت قد تعلمت الدرس فقد ربحت شيئًا أهم: وعيك بقيمتك.
القوة الحقيقية ليست في تحمل الأذى بل في القدرة على الرحيل حينما يصبح البقاء استنزافًا. اعرف متى تنسحب متى تغلق الأبواب ومتى تختار نفسك بلا تأنيب ضمير. لا تخف من الوحدة فهي أرحم ألف مرة من أن تكون محاطًا بأشخاص يقتلون روحك ببطء.
تذكر دائمًا: ليس كل ابتعاد خسارة، وأحيانًا يكون الخلاص من السامّين هو أول خطوة نحو حياة أكثر هدوءًا وسلامًا.
