م/ رمضان بهيج
في رحلة الحياة، قد يضل الإنسان طريقه، وينجرف نحو مسارات مظلمة مليئة بالخطايا والأخطاء. ومع ذلك، فإن الأمل يظل دائمًا موجودًا، والقدرة على التغيير كامنة في داخل كل فرد. إن تحويل المسار من الخطيئة إلى الصواب ليس مجرد تغيير في السلوك، بل هو تحول عميق في الروح والقلب.
يقول الله عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} سورة الشمس: ٧-١٠.
الاعتراف بالخطأ والندم الصادق
الخطوة الأولى نحو التغيير هي الاعتراف بالخطأ والندم الصادق عليه. فالاعتراف بالذنب هو بداية التوبة، والندم الصادق هو الوقود الذي يدفع الإنسان نحو التغيير. يجب أن يكون الندم نابعًا من القلب، مصحوبًا بشعور حقيقي بالأسف على الأفعال الخاطئة.
وجاءت التوبة في القرآن على وجهين؛ الأول: الندم على فعل الشيء والرجوع عنه، منه قوله تعالى: {قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} (الأعراف:١٤٣) أي: ندمت ورجعت إليك. الثاني: التجاوز، ومنه قوله عز وجل: {والله يريد أن يتوب عليكم} (النساء:٢٧) أي: يتجاوز عن ذنوبكم.
الرغبة الصادقة في التغيير
الرغبة الصادقة في التغيير هي المحرك الأساسي لتحويل المسار. يجب أن يكون لدى الإنسان إرادة قوية للتخلص من عاداته السيئة وسلوكياته الخاطئة. هذه الرغبة يجب أن تكون مدعومة بإيمان قوي بأن التغيير ممكن، وأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل.
الاستعانة بالله والتوكل عليه
في رحلة التغيير، يحتاج الإنسان إلى قوة أكبر من قوته الذاتية. الاستعانة بالله والتوكل عليه هما مصدر القوة والدعم الذي يحتاجه الإنسان للتغلب على ضعفه ومواجهة تحديات التغيير. الدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله هي أدوات قوية تساعد الإنسان على الثبات في طريقه الجديد.
قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ. (يونس: ٥٧ ) .
تغيير البيئة والمحيط
البيئة والمحيط يلعبان دورًا كبيرًا في تشكيل سلوك الإنسان. قد يكون من الضروري تغيير البيئة والمحيط الذي كان يشجع على الأفعال الخاطئة. الابتعاد عن الأشخاص السلبيين والبحث عن صحبة صالحة تشجع على الخير والصلاح هو خطوة مهمة في رحلة التغيير.
العمل الصالح والتوبة النصوح
العمل الصالح هو الدليل الحقيقي على التوبة النصوح. يجب أن يسعى الإنسان إلى فعل الخير ومساعدة الآخرين، وتعويض ما فاته من أعمال صالحة. التوبة النصوح هي توبة صادقة لا رجعة فيها إلى الأفعال الخاطئة.
الصبر والمثابرة
تحويل المسار من الخطيئة إلى الصواب ليس عملية سهلة أو سريعة. قد يواجه الإنسان تحديات وعقبات في طريقه، وقد يتعرض لانتكاسات. الصبر والمثابرة هما مفتاح النجاح في هذه الرحلة. يجب أن يكون الإنسان صبورًا على نفسه وعلى الآخرين، وأن يثابر في سعيه نحو التغيير.
التسامح مع النفس والآخرين
التسامح مع النفس والآخرين هو جزء أساسي من عملية التغيير. يجب أن يتعلم الإنسان أن يسامح نفسه على أخطائه، وأن يسامح الآخرين على أخطائهم تجاهه. التسامح يحرر الإنسان من أعباء الماضي ويسمح له بالتركيز على المستقبل.
وكذلك قال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النور:٢٢). فإن ذلك كله من شأنه ترسيخ دعائم الأمن والأمان في المجتمع.
الاستمرار في التعلم والنمو
التغيير ليس نقطة نهاية، بل هو رحلة مستمرة. يجب أن يستمر الإنسان في التعلم والنمو، وأن يسعى دائمًا إلى تطوير نفسه وتحسين سلوكه. القراءة والتعلم من تجارب الآخرين والاستفادة من النصائح والإرشادات هي أدوات قيمة في هذه الرحلة.
في الختام، تحويل المسار من الخطيئة إلى الصواب هو رحلة شاقة ولكنها مجزية. إنها رحلة تتطلب شجاعة وإرادة قوية وإيمانًا عميقًا. ولكن في النهاية، فإنها رحلة تستحق العناء، لأنها تؤدي إلى حياة أفضل وأكثر سعادة ورضا.
و مزال هناك وقت لأخذ قرارك و تغيير مسارك
