القاهرية
تُعد موائد الرحمن من أقدم وأبرز العادات الرمضانية في مصر، حيث تعكس قيم الكرم والتكافل الاجتماعي. فمنذ العصر الفاطمي وحتى يومنا هذا، تستمر هذه العادة في جمع الفقراء والمحتاجين حول موائد الإفطار، في مشهد يجسد روح الشهر الكريم.
البداية في العصر الفاطمي
يعود أصل موائد الرحمن إلى العصر الفاطمي، حيث كان الخلفاء وكبار رجال الدولة يقيمون ولائم ضخمة خلال شهر رمضان، تُعرف باسم “سماط الخليفة”، وكانت تضم الأطعمة الفاخرة مثل اللحم والأرز والعسل والتمر. وكانت هذه الموائد تُقام داخل قاعة الذهب بالقصر الشرقي الكبير، حيث كان الخليفة يحضر الاحتفالات الرمضانية، ويتلو المقرئون القرآن، ويلقي الخطباء كلمات تمدح الخليفة وتُشيد بفضائل الشهر الكريم.
تطور موائد الرحمن عبر العصور
استمر هذا التقليد في العصور المملوكية، حيث خصّص السلاطين والأمراء أوقافًا خيرية لتمويل موائد الإفطار وتوزيع الطعام على الفقراء. وفي العصر العثماني، ازدادت هذه الموائد انتشارًا، وأصبحت تُقام أمام المساجد والزوايا الصوفية. ومع مرور الزمن، تطورت لتشمل جميع فئات المجتمع، حيث يشارك فيها التجار ورجال الأعمال والمجتمع المدني.
موائد الرحمن في العصر الحديث
اليوم، لا تزال موائد الرحمن تُقام في جميع أنحاء مصر والعالم الإسلامي، حيث يتسابق الأفراد والجمعيات الخيرية لتوفير وجبات الإفطار للصائمين المحتاجين، مما يعكس استمرارية هذه العادة التي أصبحت رمزًا للتراحم والتضامن الاجتماعي خلال شهر رمضان.
من الماضي إلى الحاضر، تظل موائد الرحمن شاهدًا على روح العطاء والكرم التي تُميز هذا الشهر الفضيل.
